بنك الامتنان …!
“حتى في الصمت، يشكر القلب من وهب الحياة..”
✍️ راضي غربي العنزي – كاتب سعودي
في زمنٍ غاب فيه الوعي بعطايا الله، ينسى الإنسان أن يشكر خالقه على كل لحظة من الحياة، على كل نفسٍ يتنفسه، وعلى كل شيء صغير يحيط به. الامتنان لله، هذه الفضيلة التي تبدو بسيطة، هي في حقيقتها أعظم تمرين روحي، وأعمق فهم للحياة. من يحمل الامتنان لله في قلبه لا يحتاج أن يبحث عن السعادة خارج ذاته، فهي تأتيه راكضة مثل طفل يعرف طريق بيته جيدًا، حتى لو تعثر مرات ومرات.
الأرواح السعيدة ليست تلك التي لم تُمتَحن، بل التي تعلّمت أن ترى معنى الألم في قلب المحنة، وأن كل شيء من حولها – القليل والكثير – هو هبة من الله. من يشكر الله على القليل يجد فيه ما يعجز عنه الغنى، وما لا يمنحه المال أو المنصب أو المكانة. قال تعالى:
> «لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ» (إبراهيم: 7)
هذه الآية ليست مجرد كلمات، بل هي قانون كوني من الله لا يُخالف، دليل على أن كل شيء في الحياة يتكاثر حين يُقدَّر: الأنفاس، اللحظات، العلاقات، وحتى الرضا الذي يسكن قلبك.
وقال النبي ﷺ:
> «من لا يشكر الناس لا يشكر الله»
فالامتنان لله ليس مجرد تربية اجتماعية، بل هو هندسة روحية تجعل القلب يضيء من داخله، وتجعل اللحظة البسيطة نورًا حقيقيًا. سقراط قال:
> “من لا يرضى بالقليل، لن يرضى بالكثير.”
وما أقصر الطريق للسكينة من تعلم الرضا بما منحك الله، حتى لو كان ضئيلًا. فالبشر منذ الأزل يطمحون للكمال دون المرور بحديقة الامتنان أولًا، ينسون أن كل نعمة صغيرة هي رسالة من الله، وكل لحظة حياة هي هدية.
الامتنان لله ليس غياب الألم، بل وعي به بلا كراهية. هو أن ترى نصف الكوب ممتلئًا، وأن تؤمن أن الله قادر على ملء النصف الآخر في أي لحظة. أن تقول “الحمد لله” ليس حين تُعطى، بل حين تُؤخذ منك الأشياء، لأنك تعلم أن الذي أخذ هو نفسه الذي أعطى، وأن كل شيء يحدث بحكمة ربانية.
النفوس الراقية تحتضن ما بقي، وتبتسم للحزن باعتباره عابرًا، تقول له: “كنت عابرًا يا صديقي، لا مقيماً.” وكل ابتسامة امتنان لله هي شعاع من نور داخلي لا يزول.
● نسمة من الشكر….
في النهاية، لا أحد فقير مادام يعرف كيف يشكر الله.
كل “الحمد لله” ينساب من القلب كنسيم هادئ، يحمل الروح لخالقها، ويملؤها بالسكينة والرضا.
حين يمتلئ القلب بالشكر لله، تصبح الحياة كلها نورًا رحيمًا، تتوهج في كل نفس وفي كل لحظة.
الامتنان لله ليس مجرد كلمة، بل عبادة صامتة، ونور داخلي يطهر الروح من كل ألم وحرمان، ويجعل القلب حاضرًا في كل لحظة، شاكرًا لكل هبة ومنحة.
كل نفس تتنفسه، وكل شعور بالرضا، وكل ابتسامة حقيقية، هي صلاة صامتة من القلب، تعلن الامتنان لله على كل شيء.
الامتنان لله هو المفتاح للسلام الداخلي، والحرية الحقيقية، والحياة التي تفيض بالنعمة والمحبة والهدوء…فالحمدلله على كل شئ .
.
https://wa.me/966596001883
_____________________________________________
Radi1444@hotmail.com