كتاب واصل

جدّد حياتك …!

حين يبدّل الله فيك شيئًا، فاعلم أن الخير يتقدّم إليك بخطوات لا تراها

✍️ راضي غربي العنزي – كاتب سعودي

الحياة لا تتوقف، تتبدل مثل الفصول، ومن يرفض التغيير كمن يصرّ على ارتداء معطف شتوي في حرّ أغسطس. تجديد الحياة لا يعني الهروب من الماضي، بل مصافحته بود، ثم المضي بخفة. فالله جعل في التبدّل سرًّا للبقاء، وفي الحركة حياةً للأرواح التي تملّ السكون.

ابدأ من أبسط الأشياء: نظّم غرفتك، غيّر طريقك المعتاد، أعد النظر في صداقاتك القديمة، تحدّث مع من هجرت الحديث معهم بلا سبب، ابحث عن نفسك في المواقف الجديدة. ستكتشف أن الحياة تتجدد حين تسمح لها بالاقتراب منك، لا حين تراقبها من بعيد.

جدد أحلامك، ولو كانت صغيرة. اقرأ كتابًا مختلفًا، جرّب هواية جديدة، تذوّق نوع قهوة لم تعرفه من قبل، أو ابتسم لغريب في الشارع. فكل خطوة بسيطة نحو التغيير، هي إعلان ولادة جديدة في داخلك. يقول الله تعالى:

> “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.”

غالبًا، لا يحتاج الإنسان إلى معجزة كي يشعر بالحياة، بل إلى نقطة ضوء واحدة فقط، يرى منها الدنيا بوضوح مختلف. لا تخف من التحول، فحتى الشجر لا يثمر إلا بعد أن يترك أوراقه القديمة.

الحياة تحبّ من يغامر، من يتعلّم، من يسأل، من يعيد ترتيب نفسه كل صباح وكل وقت. أما الذين يخشون التغيير، فيعيشون في مكانهم، لكن أرواحهم ترحل ببطء. الفيلسوف “هيراقليطس” قال: “كل شيء يتغيّر، ولا شيء يبقى كما هو.” فكن أنت التغيير الذي تتمنى أن تراه في نفسك، لا التكرار الذي يرهقك.

لا تخف من الفشل، فهو جزء من النمو، ولا من البداية المتأخرة، فكل بداية تبدأ في وقتها المناسب. المهم أن تبدأ. سلّم على الحياة من جديد، على قلبك، على جارك، على طموحاتك القديمة التي هجرتها. كل يوم يمنحك الله فرصة جديدة لتكون أفضل، فلا تردها بكسل أو حزن.

اجعل عقلك مدرسة دائمة، وتعلّم شيئًا جديدًا كل يوم. اقرأ، جرّب، سافر، تأمل. ليس المهم أين تصل، بل ألا تبقى في المكان الذي لا تنتمي إليه. الحياة ليست سباقًا، بل رحلة جميلة وفريدة، كل يوم فيها مشهد جديد يستحق الاكتشاف.

كن مثل الشجر، ثابتًا في الجذر، متغيرًا في الفروع، قويًا في العواصف، وسخيًا في العطاء. فكلما جرّدت نفسك من أوراقها القديمة، ازددت جمالًا في الربيع القادم.

وفي النهاية، تذكّر:

ليس التغيير أن تهدم حياتك لتبني أخرى، بل أن تُعيد ترتيب روحك على ضوء ما علّمك الله. لا تقل انتهيت، فالحياة لا تنتهي إلا حين تكفّ عن الدهشة. كن حيًا ما دمت تتغير، فالثابت الوحيد في هذا الكون هو أن تتجدّد، وأن تؤمن أن الله — حين يُبدّل حالك — لا يسلبك شيئًا، بل يهيّئك لشيءٍ أجمل.

توقّف لحظة، تنفّس، وقل لنفسك:

“ما زلتُ في أول فصولي… والجميل لم يُكتب بعد.”🍃

*الهيئة العامة لتنظيم الاعلام الداخلي 497438

■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■

Radi1444@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى