كتاب واصل

إعلان تمرد …!

 راضي غربي العنزي/ كاتب سعودي

في كل يوم نرتكب أخطاء صغيرة في حياتنا اليومية: في المنزل، في العمل، في العلاقات الاجتماعية. بعضها يمر مرور الكرام، وبعضها يتكرر بطريقة مريبة وكأنه يعيد كتابة قواعد حياتنا دون أن ندرك. هذه الأخطاء ليست مجرد لحظات نسيان، بل مرآة صادقة لكل ما نخبئه داخل أنفسنا.

هناك أخطاء بريئة، تنشأ من سوء فهم أو معلومات ناقصة، وهذه يمكن تجاوزها بسهولة. وقد علّمنا القرآن أن نغفرها لأنها جزء من طبيعتنا البشرية:

> ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: 286]

لكن الأخطاء المتكررة عن قصد ليست بريئة. إنها رسائل خفية من داخل النفس تدعونا للتوقف والتفكير وإعادة ترتيب حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية. التجاهل هنا ليس خيارًا؛ لأنه يسمح لأنماط سلوكية سلبية بالتمدد في حياتنا ويعيد إنتاج نفس الأخطاء مرة بعد أخرى. وقال النبي ﷺ: «المؤمن لا يُلدغ من جحر واحد مرتين»، تذكيرًا بأن التكرار بلا وعي ليس مجرد خطأ، بل عادة مدمرة.

الأفراد والمجتمعات الذين يواجهون أخطاءهم بوعي، يحوّلون التجربة إلى فرصة للنمو والتطور. بينما من يتجاهلها، تسمح له بالسيطرة على حياته بطريقة خفية، فتتحول القيود غير المرئية إلى حاجز يمنعه من أي تقدم أو تغيير.

تذكّر… العالم لا يُصنع بالاعتذارات الباردة، بل بالمواقف النارية. ومن جعل الأخطاء سلّمًا، صعد إلى قمم العظمة، ومن تركها تتكاثر في الظل تحوّل رمادًا منسيًا في مزبلة التاريخ. إن الخطأ ليس نهايتك، لكنه قد يصبح بداية نهايتك إذا اخترت الصمت. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى