المواطَنة الرقمية في عصر السوشل ميديا
تهتم دول العالم أجمع بتمكين الشباب وإشراكهم واستثمارهم وإكسابهم الخبرات اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة في المجتمع على كافة الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية والبيئية ومن هنا أولت الدول في الفترات الاخيرة تعميق أهمية فتح المجال أمامهم للمشاركة و سماع آرائهم في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية و تعميق ثقافة حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية وزيادة وعيهم بحقوقهم واجباتهم مما يوسع دورهم في المشاركة في كل ما يتعلق بحياتهم كونهم أكثر فئة في المجتمع تقبلاً للتعلم والتغيير ويشكلون رأس المال البشري والحيوي لتقدم المجتمعات .
وبرز مع هذا الاهتمام مفهوم المواطنة وبدأ يتردد كثيراً علي مسمعنا ليست فقط المواطنه في معناها التقليدي ولكن المواطنة الرقمية فبداية ماهي المواطنة هي كل الحقوق التي تكفلها الدولة بموجب الدستور والقانون لمواطنيها ، وايضا سلوكيات تلك المواطنين تجاه اوطانهم و يقتضي تمتع الفرد بالمواطنة أن يشكل هذا الفرد جزء من كيان سياسي اجتماعي و أن يحصل على كل الحقوق ويلتزم بواجباته استناداً إلى الدستور والقانون فله الحق في المشاركة في حكمة بلاده من خلال مؤسسات الحكم السياسية والقانونية والدستورية ويعد وعي الإنسان بأنه مواطن أصيل في بلاده من اهم قيم المواطنة فلا يرى نفسه مقيما فقط يخضع لنظام معين بل مشاركاً في صنع القرارات داخل هذا النظام ولصفة المواطن ثلاثة أركان هي الانتماء للأرض والمشاركة في صنع الحكم والمساواه ، ومع تغير المواطنه وتطبعها بالصفة الرقمية اصبح للمواطنة الرقمية معني وصفات أخري فتعرف المواطنة الرقمية على أنها مجموعة من المبادئ التوجيهية التي تساعد على التحلي بروح المسؤولية والوعي والحكمة عند استخدام التكنولوجيا فهو مفهوم يساعدنا على فهم ما يتوجّب على مستخدمي التكنولوجيا معرفته للتصرف بوعي وحكمة ، وهي مجموع القواعد والضوابط والمعايير والأعراف والأفكار والمبادئ المتبعة في الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا، والتي يحتاجها المواطنون صغارا وكبارا من أجل المساهمة في رقي الوطن.
أن المواطنة الرقمية باختصار هي توجيه وحماية، توجيه نحو منافع التقنيات الحديثة، وحماية من أخطارها .
قبل العالم الرقمي كانت المواطنه انتماء المواطن لوطنه أما الآن فيحمل المواطن الرقمي عده صفات يتمثل أبرزها الحفاظ على الملكية الفكرية لجميع الأفراد ، استخدام التكنولوجيا بوعي وعقلانية ،والمساهمة في التوعية من مخاطر الإنترنت والتميز بهوية وطنية ذات صبغة فريدة ،والتفكير الجيد بتطبيق البصمة الرقمية ، واثراء المحتوى الرقمي بمعلومات وأنشطة بناءه ، وحماية النفس والآخرين من القرصنة الإلكترونية، واحترام الثقافات والمجتمعات في العالم الافتراضي .
يثير الفضول داخلي الآن تساؤلاً هاماً أين يمارس المواطن حقوق المواطنة الرقمية؟
اجيب بالواقع الحالي على منصات التواصل الاجتماعي السوشيال ميديا فقد انتقلت المواطنة من أرض الواقع إلى الإنترنت وأصبحت المطالبة بالحقوق وأداء الواجبات وممارسة السلوكيات والمشاركات والادلاء بالأراء فقط عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي لها مالها من ايجابيات لا احد ينكرها كأحد وسائل التواصل التي تربط بين العالم أجمع وكأحد الوسائل الاعلامية الهامة التي ساهمت في انخراط المواطنين في عملية تحقيق المساءلة والشفافية وتحسين الثقة والديمقراطية بين المواطنين والحكومة التي أدركت من خلال نشر الأخبار عبر وسائل التواصل اجتماعي أنها يمكنها زيادة الوصول للجماهير ومعرفة ردود افعالهم تجاه القرارات المختلفة مما أسهم في أبرز مفهوم المواطنة الرقمية ، ولكن على النقيد الآخر إن لم تمارس المواطنة الرقمية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بوعي ومعرفة ستصبح أداة لصناعة الأزمات الاجتماعية والسياسية خاصة والمجتمع كافة يعاني من نقص حاد في السياسة الوقائية ضد أخطار التكنولوجيا التي قد تحول المواطنة الرقمية إلى فوضى اجتماعية و مصحوبة بغوغاء رقمية اجتماعية تظهر في صورة أفراد من المجتمعات المتعددة على وسائل التواصل الاجتماعي يساعدون في نشر المواد والنصوص بطريقة عشوائية غير مقصودة عبر المنصات الاجتماعية بدون وعي بالهدف من هذه الرسائل وبدون معرفة مصدرها الرئيس فيساهمون في نشر الأفكار المضللة والرسائل غير الهادفة مما يدعم انتشار الشائعات بسرعة دون إدراك للمخاطر والتأثيرات المترتبة على ذلك من زعزعة أمن الاوطان ونشر الفتنة في المجتمعات وقد يكون هؤلاء من أبناء الوطن ذاته يقومون بنشر هذا المحتوى في الغالب لكسب الشهرة ويعتبرونه نوع من الممارسات للترفيه الإلكتروني البريء ، فهم واقعياً غير مدركون لحقيقة خطوره مايمارسونه تحت مظله تلك الشبكات .
قديما كانت المناقشة والحوار للقضايا المهمة والمصيرية يقتصر على أهل الخبرة و الاختصاص والتأثير مدعم بالادلة والبراهين المنطقية لكن الآن وفي عصر المواطنة الرقمية التي أعطت للجميع دون استثناء حق استخدامها و الانتفاع بها أصبح هناك فضاء مفتوح للحوار ونقل المعلومات بصورة قد تكون غير حقيقية يبرز فيها حقوق المواطنه ويركز عليه بصورة غير مصاحبه للواجبات والسلوك الملازم لتلك الحقوق فتختل كافة ميزان الأمن بالوطن وتزداد التحديات مما يتوجب علينا التوعيه بخطورة الانسياق وراء ممارسات المواطنه الرقميه المضللة خاصه في ظل عصر الازمات والحروب الحديثة التي تفتعل لتهد كيانات دول عبر الانترنت .
وقد أدركت دولة المملكة العربية السعودية هذه الأهمية للمواطنة الرقمية ويظهر ذلك في رؤية (2030م) التي كان من محاورها: «نتعلم لنعمل: سنواصل الاستثمار في التعليم والتدريب وتزويد أبنائنا بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل. وسيكون تركيزنا على تأهيل المدرسين والقيادات التربوية وتدريبهم وتطوير المناهج الدراسية، كما سنعزز جهودنا في مواءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع احتياجات سوق العمل، وسنركز على الابتكار في التقنيات المتطورة وفي ريادة الأعمال، كما جاء في الرؤية أنه سيتم تدريب 500 ألف موظف حكومي بشكل رقمي عن بعد، وتأهيلهم رقمياً بشكل مستمر لرفع إنتاجية الموظف وكفاءته إلى أعلى مستوى».