-وألقيتُ عليك محبة مني
بقلم/ راضي غربي العنزي – كاتب سعودي
هناك لحظات لا يفسرها العقل ولا تُدركها قوانين البشر… لحظات يشعر فيها الإنسان بأن الأرض تفتح له صدرها، والقلوب تُشرّع له أبوابها دون أن يطرقها. فيسأل نفسه: لماذا هذا القبول؟ ولماذا هذه الطمأنينة التي يبعثها وجوده في نفوس الآخرين؟
الجواب يكمن في نفحة ربانية عظيمة أودعها الله في بعض عباده، حين قال في كتابه الكريم: “وألقيتُ عليكَ محبّةً منّي”.
إنها المحبة التي لا تُشترى ولا تُصطنع، بل تُغرس في العيون والقلوب بلا جهد ولا سعي. كأن صاحبها يسير في الأرض محاطًا بهالة من نور، تُنبت الراحة في الأرواح، وتزرع الطمأنينة في النفوس.
حين يُحبك الناس من غير سبب، ويأنسون بك دون معرفة سابقة، ويجدون في كلماتك عزاءً وفي حضورك شفاءً، فذلك دليل على نعمة إلهية نادرة: روح طيبة، جابرة للخواطر، تبث الدفء كالشمس وتُطفئ الحزن كالمطر.
هذه الأرواح لا تُقيّدها الأماكن، بل تطوف في أرجاء الحياة، كأنها رسل محبة خفية، تذكّر كل مهموم أن الدنيا لم تُغلق أبوابها بعد، وتهمس في أذن كل حزين: “اصبر، فما بعد العسر إلا يُسر”.
إنها هبة إلهية أن يُسخّر الله للعبد القلوب، فتُصبح الأرض كأنها تحبه، والناس يبتسمون له من حيث لا يحتسب. وما ذاك إلا لأنه كان رحيمًا صادقًا نقيًا، فجُزي بحلاوة القَبول.
طوبى لكل من رزقه الله محبةً تُلقى عليه من السماء، وطوبى لكل قلب يجد في قربه ملاذًا ودواءً.
——‐———‐‐—–‐
📧 Radi1444@hotmail.com