عبدالعزيز مهدي المجلاد… صوتٌ يكتب… و يُربّت على كتف الحياة!
"يكتب كما لو أن الزمان يتوقف ليستمع، وتشرق الأفكار في حضوره قبل أن تُقال."

بقلم : راضي غربي العنزي – كاتب سعودي
في زمنٍ تتسارع فيه الأصوات، وتتزاحم المنابر، يخرج عبدالعزيز مهدي المجلاد بهدوء الكاتب الحقيقي؛ ذاك الذي لا يحتاج إلى ضجيج ليُقال إنه موجود، ولا إلى صخب ليُثبت أن كلمته تحمل وزنًا. إنّه من أولئك الذين يتركون أثرهم بالطريقة التي يفعلها الحبر حين يستقر على الورق: بثقة، وبصمت، وبدون محاولة لفت الانتباه… لكنه يلفت الانتباه رغم ذلك.
عبدالعزيز مهدي المجلاد ليس كاتباً يطارد الضوء، بل كاتب يصنع ضوءه الخاص. يكتب كما يتنفس، ويقول ما يريد كما لو أنّ اللغة إحدى ممتلكاته القديمة. في سطوره شيء من صفاء البدايات، وصدق التجربة، ونبرة رجلٍ عاش الحياة كما هي، فأخذ منها ما يجعل قلبه ألين، وكلمته أعمق.
ما يميّزه أنّه لا يكتب ليُثير، بل يكتب ليُدرك. ولا يدوّن ليُبالغ، بل ليُعيد ترتيب المعنى. نصوصه أقرب إلى مكاشفات هادئة؛ تلك التي تخاطب القارئ بلا وسطاء، وتمنحه شعورًا أن الكاتب يكتب لك وحدك. كل جملة منه تبدو كما لو أنّها “ذكاءٌ بلا استعراض”، وصدقٌ بلا زيف، وعفوية بقدر ما هي مختمرّة بالتجربة.
والأجمل من هذا كلّه أنّه يكتب بعين شاعر، وإن لم يتعمّد الشعر. كلمات بسيطة، لكن خلفها اتساعٌ يليق برجل يحمل ذاكرة الأمكنة والوجوه والأيام… في نصوصه دفءٌ يشبه دفء الجلسات القديمة، ورائحة حكاياته مع محبوبته الفيصلية حينا وحبنا الذي تشاركنا الفرح الجميل فيه. لا تزال طازجة رغم مرور الزمن.
لا يمكن المرور على كتابات المجلاد دون الوقوف عند “نبرة الرجل الذي عرف الحياة جيّدًا”، فعرف أنه لا شيء يستحق التكلف. لذلك جاءت كتاباته صادقة، سلسة، نقية، تقترب منك دون أن تتصنع، وتلامس شيئًا في داخلك لم تكن تعرف أنه ينتظر أن يُلمس.
عبدالعزيز مهدي المجلاد هو كاتبٌ يشبه الناس، لكنه يكتب بما لا يشبه أحدًا. وهذه، وحدها، تكفي لأن يكون اسمه علامة لا تُنسى في فضاء الكتابة الرقمية؛ علامة تُشبه البصمة: واضحة، هادئة، لا يقدر أحدٌ أن يقلدها.
