كتاب واصل

رمضان صفحة بيضاء مُشرقة 

بقلم / الكاتب نايف الخمري

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) البقرة ـ الآية 158

في مثل هذه الأيام ونحن نستقبل شهر رمضان المبارك بنفحاته العطرة وبقلوب سليمة صافية من الغل والأحقاد، شهر الجود والكرم والصدقات، شهر الخير والبركة والرحمات والمحبة والتسامح والعطاء المليء بالأجواء الإيمانية الصادقة والسلوك الحسن، نستعيد أيام وليالي رمضان الجميلة التي تٌحيلنا إلى ملائكة في الأرض في هذا الشهر الكريم، الذي انفطرت عليه نفوسنا على الجد والاجتهاد في الطاعات بشتى أنواعها نبتهل بها إلى الله، من صيام وقيام وتلاوة وتسبيح واستغفار، وذكر وتصدق وإحسان، والمواظبة على الصلوات في المساجد وكثرة الصلاة، وقراءة القرآن والذكر في هذا الشهر العظيم، وهو الموسم الكريم الذي تضاعف فيه الحسنات وتعظم فيه السيئات رحمةً من الله بنا ليقربنا ـ سبحانه وتعالى – إليه بطاعته، ويجعل في أمنياتنا النصيب الأكبر منها لمن نحب، 

والبعض يجدها فرصة سانحة ليعيش تجربة التخلص من عادة التدخين في شهر رمضان والسهر العابث والنوم المفرط، والإفراط في الأكل والشرب والشراء الشَّرِه، والإقلاع عن بعض السلوكيات السيئة والسلبية التي جعلت من رمضان فرصة للَّهو والسهر، ومتابعة المسلسلات والأفلام الهابطة، وكذلك جعلت من رمضان مضمارٌ تتنافس في نظر البعض من حيث تقديم الموائدُ الزاخرة بصنوف الأطعمة المتنوعة وألوان الأشربة المختلفة، وقد قال الحسن البصري رحمه: (إن الله ـ تعالى ـ جعل رمضان مضماراً لخلقه، يتسابقون فيه بطاعاته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون).

يجب علينا أن نسعى جاهدين لاغتنام هذه الفرصة للتقرب للخالق ونول الرحمات والعتق من النيران والتخلص من الذنوب والآثام، وهذا شهر رمضان شهر المغانم والأرباح فيجب علينا اغتنام لياليه وأيامه في الطاعات وانتهاز الفرصة فيه على الجود، والصدقة فهي باب للبركة، ومفتاح للفرج، ودرع من البلاء وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان. وأظل أتسال ماذا لو بقيت معنا هذه النفحات الإيمانية العظيمة والممارسات الدينية المحببة على مدار العام، وتدريب النفس على الصبر والمجاهدة وضبطها، وسوف ينعكس ذلك المردود على جميع تعاملاتنا الحياتية لكل من يحيط بنا في البيت وفي الشارع وفي العمل، وتظل هذه المشاعر والعواطف مرتبطة بحياتنا اليومية، بالتأكيد شعور جميل سوف ينعش أرواحنا ويجعلها تسبح في فضاءات الحب والجمال والخير والعطاء،

 دعوة لنعيش هذه التجربة في حياتنا ونعيد الترتيب في علاقتنا مع ربنا وكبح شهواتها وضبط تفاعلاتها، وتهذيب سلوكنا وأخلاقنا لنرتقي بعبادتنا مع الله، كذلك علاقاتنا مع الأخرين إلى سلم التقوى والسمو الروحي والخلقي ولا نجعلها مرتبطة بشهر رمضان. وأن نعقد العزم على تغيير نفوسنا وحياتنا إلى الأفضل، تقبل الله منا ومنكم الأعمال والطاعات وأعاد الله علينا وعليكم شهر رمضان المبارك بالخير والبركات.

آخر المشوار :

اللهم أحفظنا بحفظك وأكلأنا برعايتك، ووفقنا لهداك وأجعل عملنا في رضاك، اللهم إنا نسألك بأنك أنت الصمد تصمد إليك الخلائق في حوائجها، لكل منا حاجة لا يعلمها إلا أنت، اللهم بواسع جودك ورحمتك وعظيم عطائك أقضِ لكل واحد منا حاجته يا أرحم الراحمين .

نايف الخمري / كاتب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى