كتاب واصل

أنت النسخة…الأجمل ..! 

 «ما كتبه الله لك، سيأتيك وإن وقف الكون عائقًا، وما صرفه عنك… رحمةٌ خالصة لك»

✍️ راضي غربي العنزي – كاتب سعودي

الغيرة شعور إنساني يولد مع القلب، يتنفسه حين يرى الضوء يُشرق على الآخرين بينما ما زال يبحث عن نافذته الخاصة. لكنها تتحول إلى نفق مظلم إذا جعلناها مقياسًا لقيمتنا. الله تعالى قال: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ لأن المقارنات تسرق أجمل ما فينا: الرضا. والنبي ﷺ قال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، وهذا وعد بالسلام قبل أن يكون اختبارًا للأخلاق.

نحن لا نغار من نجاح الآخرين حقًا… بل من الصورة المثالية التي نتخيل أنهم يعيشونها. نرى النهاية ولا نرى البداية، نرى النتيجة ولا نرى رحلة السقوط والنهوض. شخص يضحك على قمّة جبل، ولو اقتربتَ من قلبه لوجدتَ فيه جبالًا من وحدته. ورغم ذلك… نقارن أنفسنا بابتسامته لا بجرحه.

الغيرة قوة، نعم… لكن حين تُهذّب بالإيمان، وحين تُوجّه إلى الداخل لا الخارج. يقول أحد الحكماء: “إن انشغلت بحديقة غيرك، ذبلت زهور حديقتك.” القلب الذي ينشغل بمراقبة من سبقوه… يتأخر عن اللحاق بنفسه.

قصة من واقع قريب:

رجل كان يعمل لسنوات طويلة في وظيفة لا تحقق طموحه، وكلما شاهد صديقًا يترقى أو يملك ما يشتهي، انكسر قلبه بسؤالٍ واحد: “لماذا ليس أنا؟”. حتى تغيّر قلبه يوم بأن ساعد زميلًا جديدًا بصدق، طمعًا في أجر الله لا في مجد البشر. بفضل الله، نجح المشروع وتغيّر مصيره، ثم قال بعدها: “حين توقفت عن مقارنة حياتي بغيري… بدأت الحياة تقارنني بمن كنتُ عليه.”

هذه ليست حكاية مهنة… بل حكاية بصيرة اكتشفت الطريق.

الحقيقة التي يهرب منها الناس:

نحن لا نرى الجهد خلف الإنجازات، ولا الإرهاق خلف الفخامة، ولا الدموع خلف التجمّل. نحن نرى القمة… ولا نرى الجبل. إذا جعلت إنجازات الناس مرآتك… ستكره وجهك يومًا. وإذا جعلت سعادتهم معيارًا… ستفقد مقاييسك كلها.

أنت لست ظلًا لأحد، ولا صفحة مكررة من كتاب ممل. لك خريطتك الخاصة، وموهبة وُلدت لتنافس بها نفسك لا الآخرين. حين ترى نعمة عند غيرك، قل: «اللهم بارك لهم، واجعل لي فيما قسمتَ خيرًا.» فالدعاء للآخرين ارتقاءٌ للنفس قبل أن يكون طلبًا للبركة.

كل ما فاتك… لم يكن نصيبك، وكل ما لم يأتِ بعد… ينتظر وقته، وما كان لك… لن يخطئ عنوان قلبك. الله يعدّ لك المشهد الأنسب، لا الأسبق. فبعض النجاحات تأتي بعد النضج حتى لا نكسرها حين نحملها.

الخاتمة ؛

احفظ هذه الجملة في قلبك:

أعظم انتصار… أن تهزم النسخة التي تغار، لا النسخة التي تُقارن.

وعندما يشتد الألم وتتعالى الأسئلة وتغرق عيناك في متابعة الآخرين، ضع يدك على صدرك وقل:

هنا عالمٌ كامل يخلقه الله لي… فلماذا أعيش في ظِلِّ أحد؟

سرّك الحقيقي؟

أنك مخلوق بإصدارٍ واحد… نسخة نادرة لا تتكرر ولا تُستبدل ولا تُهزم إلا حين تقارن نفسها بغيرها.

فامضِ بثقة الذي يعرف أن الله يمسك بيده نحو قمته الخاصة… هناك حيث لا يشبهك أحد… ولا ينافسك أحد… ولا يسبقك إلا قدرك الجميل.

● ابتسم الآن… فأنا أكتب لأجلك… ولأضيء قلوبًا!

*الهيئة العامة لتنظيم الاعلام الداخلي 497438

■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■

Radi1444@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى