البن السعودي… مستقبل تصديري واعد يضع المملكة ضمن أبرز منتجي البن العربي عالميًا

واصل – تحرير / فهد الخالدي – إشراف / سعود العتيبي :
تتجه المملكة العربية السعودية بخطى متسارعة نحو ترسيخ مكانتها كإحدى الدول المؤثرة في سوق البن العربي عالميًا، في ظل دعم حكومي متواصل، واستثمارات استراتيجية، وبرامج تطوير شاملة تستهدف تحويل البن من محصول زراعي محلي إلى قطاع تصديري عالي القيمة خلال السنوات المقبلة.
ويُعد البن السعودي أحد المحاصيل الوطنية ذات الأبعاد الاقتصادية والثقافية، حيث أولت المملكة هذا القطاع اهتمامًا خاصًا ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، الرامية إلى تنويع مصادر الدخل، وتعزيز التنمية الريفية، واستثمار الميزة النسبية للمناطق الجبلية الجنوبية في إنتاج محاصيل ذات جودة عالية.
وتتركز زراعة البن في مرتفعات مناطق جازان، عسير، الباحة، نجران، ومكة المكرمة، مستفيدة من المناخ الملائم والتربة الخصبة، ما أسهم في إنتاج بن سعودي يتميز بخصائص حسية فريدة وجودة عالية، أهلته للدخول في سوق البن العربي المتخصص الذي يشهد نموًا متزايدًا على مستوى العالم.
ووفق بيانات وزارة البيئة والمياه والزراعة، تجاوز عدد أشجار البن المثمرة في المملكة 1.3 مليون شجرة، بإنتاج سنوي يفوق 870 طنًا من البن الصافي، مع خطط توسعية لزيادة عدد الأشجار ورفع الطاقة الإنتاجية خلال الأعوام القادمة، خصوصًا مع دخول مئات الآلاف من الأشجار الجديدة مراحل الإثمار.
وفي إطار دعم هذا التوجه، أطلق صندوق الاستثمارات العامة الشركة السعودية للقهوة باستثمارات طويلة المدى تهدف إلى تطوير سلسلة القيمة للبن السعودي، بدءًا من الزراعة والإنتاج، مرورًا بالمعالجة والتحميص، وانتهاءً بالتسويق والتصدير.
وفي هذا السياق، أكد رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للقهوة أن الهدف يتمثل في الارتقاء بالبُن السعودي إلى مستوى عالمي، والمشاركة به مع عشّاق القهوة حول العالم، من خلال استثمارات نوعية وتقنيات حديثة يمتد أثرها إلى التدريب، وتمكين المزارعين، وتطوير منظومة الإنتاج والتصدير.
وأشار مختصون في سوق القهوة إلى أن الاستثمارات الكبيرة التي تُضخ في القطاع حاليًا ستسهم في رفع الطاقة الإنتاجية من نحو 300 طن سنويًا إلى قرابة 2,500 طن خلال العقد القادم، ما يعزز موقع المملكة كأحد المنتجين المؤثرين في سوق البن العربي العالمي، خاصة في شريحة البن عالي الجودة.
كما يرى خبراء في القطاع أن السعودية تستفيد من الطلب الداخلي المتزايد، والبنية الاستثمارية القوية، والميزة الإنتاجية التي تتمتع بها المناطق الجنوبية، ما يجعل من الممكن أن تكون المملكة جزءًا محوريًا ومهمًا من سوق البن العالمي خلال السنوات المقبلة.
ويعزز هذا التوجه انضمام المملكة إلى الاتفاقية الدولية للبن، في إطار استراتيجية تهدف إلى دعم القدرة التصديرية، والمساهمة في تنظيم التجارة العالمية للبن، وبناء حضور سعودي فاعل ومستدام في هذا القطاع الحيوي.
ويمثل هذا المسار تحولًا نوعيًا في مسار القطاع الزراعي بالمملكة، حيث ينتقل البن السعودي من كونه منتجًا محليًا محدودًا إلى صناعة تصديرية واعدة، تعزز الاقتصاد الريفي، وتخلق فرصًا استثمارية جديدة، وتضع المملكة في موقع متقدم على خارطة البن العربي والعالمي.



