كتاب واصل

مهنة المتاعب والمسؤولية

بقلم/ جمعان الكرت

 

هل أنا إعلامي؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي أن يطرحه كل من يمارس هذا العمل على نفسه. ولا يمكن — بأي حال — المقارنة بين الإعلامي الورقي والإعلامي الرقمي؛ فامتلاك جهاز ذكي يسهّل على كثيرين خوض تجربة العمل الصحفي، بخلاف الجهد المضني الذي كان يتحمله الصحفي قبل عقود قليلة ليتمكن من نشر مادته، وغالبًا في زوايا هامشية.

ولست بصدد التوسع في الحديث عن الضوابط التي كانت تعتمدها الصحف الورقية عند اختيار الصحفيين، ومن أبرزها: سلامة اللغة، والقدرة على الحوار، وامتلاك رصيد مناسب من الثقافة، إضافة إلى إدراك احتياجات المجتمع عبر الجولات الميدانية، وإجراء اللقاءات، وإعداد الاستطلاعات. لذا برز في تلك الفترة الكثير من الإعلاميين البارزين، رغم عدم امتلاكهم مؤهلات أكاديمية في الإعلام؛ مما يؤكد أن الإعلام — في جوهره — موهبة تغذيها القراءة والممارسة والاستفادة من خبرات الآخرين. ويشهد على ذلك أسماء كبيرة مثل: تركي السديري، هاشم عبده هاشم، قينان الغامدي، خالد المالك، عبدالرحمن الراشد، عثمان الصيني وغيرهم.

وعند استقراء هذه المرحلة — التي تُعد منعطفًا حاسمًا في تاريخ الصحافة نتيجة التحول السريع نحو الوسائل الإعلامية الرقمية ووسائل التواصل الحديثة — نجد أن الصحف الورقية بالكاد تمكنت من البقاء، بعدما انحسر نشاطها وضعف الإقبال عليها، ليتجه المشهد نحو الصحف الرقمية، سواء المصرّح لها أو غير المصرّح، مما أفرز حالة من اللغط بسبب مباشرة الكثيرين العمل تحت مسمى «إعلامي».

وهنا يقفز سؤال مهم: كيف يمكن تأطير هذه المهنة في ظل هذا الزخم الكبير؟

لقد أصبح من يحمل جهازًا ذكيًا يعتبر نفسه إعلاميًا، ويبدأ بالعمل عبر مراسلة صحف داخلية وخارجية، ويعتمد في مادته الصحفية على ما تزوّده به مكاتب العلاقات العامة، ليوقعه باسمه فحسب.

ومن هنا نتساءل:

هل تستطيع وزارة الإعلام — من خلال منصّة المهنيين الإعلاميين — إعادة تقنين المنهجية الإعلامية، ودفعها نحو صناعة مزدهرة؟

وهل الحصول على البطاقة المهنية يخول حاملها فعليًا لممارسة العمل الإعلامي؟

أرى أن تكثيف الدورات التدريبية هو الحل الأمثل؛ فهي الأقدر على صقل مواهب الراغبين في هذه المهنة، أما من يسعى لأهداف شخصية فإن الزمن كفيل بفرز المبدع من الهامشي.

تزداد أهمية الإعلام خصوصًا وقت الأزمات، لكونه أداة تنوير وتثقيف وتوعية لمجتمعات العالم كافة. فالإعلام ركن جوهري في عملية التواصل المجتمعي، يتسم بالسرعة والسهولة مع التطور التقني المتسارع في وسائل التواصل الحديثة.

وعندها ندرك عِظم المسؤولية التي يتحملها الإعلامي، وفي مقدّمتها تقديم صورة صادقة وأمينة ونزيهة، والحذر من الانجراف خلف الشائعات التي تروجها جهات مناوئة أو أفراد حاقدون.

ولا تخلو رسالة الإعلامي من المتاعب والمشاق، مما يحتم عليه أن يصمد بثقة ومسؤولية، ليكون نبراسًا مضيئًا، محبًا لقيادته، متفانيًا في خدمة وطنه، مؤديًا رسالته بكل صدق وإخلاص…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى