كتاب واصل

الصديق الذي يصنع منك أسطورة من نور..!

بقلم/ راضي غربي العنزي – كاتب سعودي

في زمنٍ صار فيه البشر نسخًا مستنسخة من هواتفهم المحمولة، يبدّلون الأقنعة كما يبدّلون الخلفيات، ويختبئون خلف أيقونات ضاحكة مزيفة… يخرج من بين الركام صديق حقيقي يشبه معجزة تمشي على قدمين.

هو لا يرمم شقوق جدارك الداخلي بالوعود الكاذبة، بل يلصقها بضحكة صافية وبقلب يشبه المطر. وجوده وحده يجعل الخراب أقل ضوضاء، والألم أقل فوضى، واليوم أقل قسوة. إنك معه لا تحتاج أن تكون بطلًا، يكفي أن تكون إنسانًا يترنح من التعب، وهو يتكفل بترميمك وإعادتك إلى ساحة الحياة.

الصديق الحق ليس الذي يرسل لك مئة رمز في ساعة، بل الذي يعرف متى يضع يده على كتفك ليعيد ترتيب جزيئاتك المتناثرة. إنه الإنقاذ بلا إعلان، والبطولة بلا ضجيج.

وقد قال النبي ﷺ: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالل”. نعم، فالصديق ليس ديكورًا اجتماعيًا، إنه قدرٌ تمشي معه: إمّا يرفعك إلى علياء المعنى أو يسحبك إلى قاع التيه.

في عالم يسخر من دموعك ويحتفل بانكسارك، يجيء الصديق الذي يُعيدك إلى الضوء وكأنه يقول: “لن أسلّمك إلى عتمتك، حتى لو سلّمتَ نفسك.” وهنا تكمن الملحمة… ليست في معارك الجيوش، بل في معارك الروح.

أيها الصديق الذي يُرمم شروخي: أنت حارس النور في مدينة مظلمة، وأجمل سخرية من هذا العالم البارد، وأعظم بطولة في زمنٍ صار فيه الولاء سلعة تُشترى وتُباع. وجودك معي هو قصيدتي الوحيدة التي لم أخطها بالحبر بل بالحياة نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى