“ إتيكيت الواتساب من الفوضى إلى التواصل الراقي”
د.خالد الغامدي اخصائي نفسي وخبير تربوي
في عصرنا الرقمي السريع، أصبحت مجموعات الواتساب جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. تجمع الأهل في محادثات عائلية، الزملاء في مشاريع عملية، والأصدقاء في نقاشات اجتماعية. لكن مع انتشار هذه القروبات، التي قد تضم مئات الأعضاء، تظهر تحديات تحولها أحيانًا إلى مصدر توتر نفسي. تخيل قروبًا يغرق في رسائل مكررة منسوخة من دون تدقيق، أو نقاشات جانبية بين قلة من الأعضاء كأنها دردشة خاصة، أو صوتيات طويلة تملأ الشاشة بلا فائدة. هذه المشكلات ليست نادرة، لكن الحل بسيط: اتباع فن الإتيكيت الذي يجعل التواصل راقيًا وممتعًا.
من خلال تجربة في عشرات القروبات المتنوعة، ألاحظ تكرار أخطاء تضعف الهدف الأساسي لها. بعض الأعضاء يحولون القروب إلى مساحة مغلقة مع أصدقائهم، متجاهلين بقية الأعضاء. وآخرون يشخصنون الرسائل العامة، فيندفعون إلى الدفاع أو الهجوم، فتتحول النقاشات إلى خلافات شخصية. هناك من يصر على أنه الوحيد على صواب، فيخوض جدلًا عقيمًا، ومن ينشر محتوى دينيًا أو إخباريًا دون التحقق من صحته. صور شخصية بلا مناسبة، صوتيات طويلة تتجاوز الدقيقة وبعضهم يتكلم وهو يأكل، وإغراق القروب بعشرات الإيموجي والملصقات، كلها ممارسات تضعف التجربة. حتى مديرو القروبات قد يخطئون حين يستخدمون لغة تهديدية قاسية، بينما الأصل أن يكونوا قدوة في الاحترام والعدل والشفافية.
لكن الحل ليس صعباً. فالقواعد البسيطة في التعامل كفيلة بجعلها بيئة صحية وممتعة للتواصل. و لحسن الحظ، الحل في متناول اليد. التحية واللباقة في بداية الحديث تصنع جواً إيجابياً، والالتزام بالاختصار والتركيز يحفظ وقت الأعضاء، والاعتراضات والشكاوى من الأفضل أن توجه بشكل خاص للشخص المعني أو لمدير القروب بدلاً من طرحها أمام الجميع، والابتعاد عن النقاشات الدينية والسياسية الحساسة يحمي المجموعة من الانقسام والتوتر، كما أن كتابة الأسماء الصريحة والواضحة تضمن شفافية أكبر في الحوار. أما استخدام الصوتيات والإيموجي والملصقات فينبغي أن يكون باعتدال حتى لا تفقد الرسائل قيمتها.
وانا أرى ان القروبات ومجموعات الواتساب مرآة لأخلاقنا وطريقة تواصلنا. ما نكتبه يبقى أثرًا علينا قبل الآخرين. إذا التزمنا بالذوق والاحترام، نصبح جسورًا للمحبة والتقارب. أما الفوضى، فتحولها إلى عبء وضغط نفسي لا ينتهي. هل تكون القروبات وسيلة تواصل راقية تزيد المحبة وتقرّب القلوب، أم تتحول إلى مساحة نزاع لا تنتهي دعونا نبني مجتمعات رقمية أفضل لكم كل الود !