أبناؤنا إلى أيــــــن ؟!
بقلم د.فهد ال دهيس الزهراني
هناك عشرات الأسئلة تتجول كالأشباح في رؤوس الإباء والامهات في ضل المُتغيرات التي تعصف بهم في كل اتجاه وتنتقل من شبح لأخر بتخوف شديد ثم تستقر بقلق بالغ وبالسؤال التالي … أبناؤنا إلى أين.؟ …. وإلى أين ستأخذهم هذه التغيرات التي لا يسّرنا إيقاعها السريع.؟
ونقول لهم مع التوضيح الموجز (أطمئنوا!)
تؤسس المجتمعات ثقافتها المحلية من خلال مجموعة من المتغيرات يتقبلها الكثير ــــ وليس بالضرورة الجميع ـــ فتُدخلها في ماكينة ثقافية شديدة الانضباط … وظيفتها (تحقيق منفعة الصالح العام … مع إسقاط ما لا نفع منه وما قد يضر ) ثم تقوم هذه الماكينة بصناعة قوالب اسمتها ( العادات ) وهذه العادات يتم تجربتها وتقييمها بصفة دورية من قبل أفراد المجتمع فتسقط البعض ويرتقي البعض منها بعد تقبل الكثير لها إلى صفة العُرف … فيصبح هذا العُرف مُلزم للجميع … وليس بالضرورة أن يكون هذا العُرف مُرضي للجميع … ثم ينتهي عمل هذه الماكينة الثقافية بما يُسمى ( العقل والسلوك الجمعي للمجتمع المحلي … وهذا المجتمع المحلي قد يكون أسرة ، عائلة ، قرية ، مدينة وقد يكون وطن بأكمله)
والعقل الجمعي : هو مجموعة من الأفكار مع التقبل والممارسة ارتقت لعادات ثم أعراف فأصبحت ثقافة مُلزمة للجميع بالتقبل والعمل بها )
الجميل والمطمئن هنا
إن هذا العقل الجمعي لديه ماكينة أخرى أكثر جودة وأكثر فاعلية من تلك التي ذُكرت في المقدمة ووظيفتها أكثر أهمية مرنة جدا تقوم باستمرار من خلال الحراك الثقافي المستمر لهذا المجتمع المحلي بفلترة … مُخرجات الماكينة السابقة من عادات ومتغيرات … تأخذ قوله تعالى ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)الزمر 18 محمل الجد والاهتمام مع التطبيق وإلزام الجميع بهذه الفلترة المُحدثة …
أجاز سبحانه وتعالى المُخرجات الثقافية أيا كان نوعها أو حجمها بالتأمل والتدبر (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) العنكبوت 20 أجاز سبحانه وتعالى الاطلاع ومشاركة الاخرين في حراكهم وتجاربهم الثقافية المتنوعة ( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ ) البقرة 251 لكنها إجازة مُنضبطة بقوله تعالى ( فيتبعون أحسنه ) .. وهذا الاحسن الذي يتفق مع أوامره سبحانه وتعالى ولا يتجاوز نواهيه
وهذا العقل الجمعي والوصف ــــ لمجتمعنا المحلي ـــ ( لديه فطرة سليمة نقي وزلال … لا يقبل إلا الطيب والأفضل من كُل شي الذي يتفق من أنفة وكرامة وقيم المجتمع الاصيلة والراهية)
فطمئنوا …
نحتاج فقط مهارة الانحناء بوعي وكرامة لعواصف المتغيرات السريعة التي تعصف بنا من كل اتجاه ثم نُسلمها لماكينة فلترة العقل الجمعي … وهو الكفيل بتوفيق ورعاية المولى سبحانه وتعالى بكل ما هو خير ونافع وفاعل للمجتمع
ملاحظة ونُنهي مقالنا
كلما اشتدت عواصف المُتغيرات من حولنا كلما قابلتها ماكينة فلترة (العقل الجمعي) بشدة مضاعفة في الحزم بجودة وكفاءة مُخرجاتها
فاطمئنوا نحن محاطون في الاتجاهات الأربعة بحُسن الظن بالله ورعايته الكريمة وبقيم واعراف اصيلة ومتينة باقية بحوله تعالى إلى أن يرث الارض وما عليها.
ونختم بالتأمل ( لولا السوء ما ظهر الحسن )
دُمتم وأحبابكم مُنّعمين بالصحة والسلامة والخير الوفير.
الثلاثاء 27/ محرم