لا … للتسويف
د.خالد علي الغامدي اخصائي نفسي وخبير تربوي
في غمرة الحياة نركض كثيرًا وننسى أن نتوقف. نعيش مؤجلين، نُعلّق سعادتنا على محطة بعيدة، ونُقنع أنفسنا أن الراحة قادمة “يوماً ما بعد الوظيفة، بعد الزواج، بعد التقاعد، أو بعد أن تهدأ الظروف. لكن الحقيقة التي نخشى مواجهتها هي أن “كلن يموت وحاجته ماقضاها.”
فلماذا ننتظر؟
لماذا نؤجل لحظة فرح كان يمكن أن تكون اليوم؟
لا ترحل سعادتك لوقت محدد.
الفرح لا يحتاج مناسبة كبرى، بل يحتاج قلبًا حاضرًا، ونفسًا ترضى بالقليل.
في أحيان كثيرة، تكون السعادة في تفاصيل بسيطة
فنجان قهوة في صباح هادئ، نكتة عابرة بينك وبين من تحب، لحظة تأمل، أو حتى في صمت لا يعكره شيء. لكننا نُغفل كل ذلك، ونظل ننتظر المشهد الكبير الذي قد لا يأتي، أو إن أتى، لم يمنحنا ما تخيلناه..
قال الشاعر:
“إلى صفالك زمانك علّ يا ضامي
اشرب قبل لا يحوس الطين صافيها”
تلك الحكمة البليغة تختصر فلسفة كاملة في الحياة.
إذا وجدت لحظة صفاء، فاغتنمها. لا تؤجل الاستمتاع بها، فالغد قد يحمل ما يعكر صفوك.
لا أحد يضمن صفو الحياة، لكن كلٌّ منا يستطيع أن يقتنص لحظة صفاء ويعيشها بكاملها.
وهنا نأتي إلى العبارة الشعبية العميقة
“فل الحجاج وخل عنك الهواجيس.”
دع عنك التفكير الزائد، اترك ما لا تملك، ولا تسجن نفسك في خوف مما لم يحدث بعد.
أحيانًا، نحتاج فقط أن نُفرّغ قلبنا من القلق، وأن نسمح لأنفسنا أن “نعيش بسلام”، حتى وسط الضجيج.
الحياة لا تنتظر أحدًا واللحظة التي بين يديك، ربما تكون أجمل ما في يومك أو في عمرك.
فلا تؤجلها. استمتع، وارضَ، وفل الحجاج
واشرب من الصافي قبل لا يعكره الطين.