كتاب واصل

كيف تتحسن أفكاري1؟!

د. فهد ال دهيس الزهراني

بسم الله وبالله التوفيق نبدأ من حيث انتهينا في السطر الأخير من المقال السابق بالسؤال التالي/ كيف تتحسن الافكار؟! السؤال عميق ويجب ان تكون الإجابة موازية لهذا العمق… وربما للأهمية والانصاف تأخذ الإجابة جُزئين … نبدأ بكيف تتكون الأفكار وكيفية إدارتها وتفعيلها كما نُريد. 

ومن هي الاداة المسئولة عن صناعة هذه الأفكار وتسويقها داخل العقل.  

نُسقط الإجابة هنا للتوضيح السهل في المثال التالي:  

لتأهيل الأرض الزراعية.. يقوم المزارع بالخطوة الأولى الأهم إن وفق وأجاد تبعته الخطوات اللاحقة بالجودة نفسها والعكس تماما … يقوم المزارع بإزاحة الاشواك والشوائب الضارة اولاً من الأرض الزراعية ثم يبدأ بحرثها ودعمها بالسماد المناسب يليه تمديد انابيب الري بالأحجام والمقاسات المناسبة ثم يبدأ بالخطوة الأكثر أهمية…بوضع البذور التي يرغب في حصدها مستقبلا … ومع هذا التأهيل الصحيح والايجابي عالِ الرعاية والاهتمام …. حتما سيكون المحصول موازي لهُ فبذر البرتقال حتما سيكون برتقال بجودة عالية … وإن أصاب هذا البرتقال سوء مرده لخلل مؤثر في تأهيل الأرض فلا يظن هذا المزارع مهما بلغت أمانيه الطيبة ونواياه الحسنة عنان السماء أن بذر البرتقال سيخرج لهُ يوما ما بتفاح أو حبة فراولة … من السنة الأولى ابتدائي إلى ما لا نهاية وألسنة المُعلمين رطبة دوما بمقولة (ما تزرعه تحصده)…. وبذلك تأصل المعنى والحقيقة وفق السنن الكونية لا تتبدل ولا تتحول ( ما تزرعه تحصده ). 

هكذا الانسان اشبه بهذه الأرض الزراعية … كلما تم تأهيله بالشكل المناسب خرجت جهوده موازية لهذا التأهيل فإن كان حسن خرج حسن والعكس تماما.

نعود لمصنع الأفكار / ميّز سبحانه وتعالى الانسان بالعقل وفيه ما لا حدود تستطيع حصر إمكانياته وقدراته المهولة وإلى يوما هذا وفي كُل مناسبة يخرج علينا عالم متخصص يُضيف لهذا العقل ميزة وقدرة إضافية وفيه ما يُسمى اصطلاحا بالعقل الباطن والحديث عنه وفيه يطول … نقفز هنا وربما نترجل برفقته في مقال لاحق …. هو أرشيف ضخم جدا يستقبل عبر الحواس الخمس ( السمع ، البصر، اللمس، التذوق، الشم ) كُل شيء يمر عليه بالتصريح والتلميح كل كلمه يربطها بمعناها ويضعها في ملف خاص بها ويجمع شبيهاتها ويضعهم جميعا في رف خاص بها داخل هذا الأرشيف ـــ عدد كبير لامحدود من الارفف يتسع وينمو من نفس النوع ـــ …. وهذا العقل الباطن يضاف لهويته ( اللاواعي / واللاشعور) ماكينة ضخمة إن جاز الوصف يهتم بصناعة الأفكار والسلوك 

ولأهمية توضيح هذه الجزئية نوجز هذا المثال: 

فرد لديه مقابلة شخصية لوظيفة يتسابق عليها الكثير : تبدأ ماكينة العقل الباطن بالعمل لهذه الغاية / الفرد الإيجابي المتفائل يتعامل العقل الباطن بنفس فكرته الرئيسة وشعور التفاؤل الذي يحملها / فيبدأ العقل باستحضار الكلمات التي تصب قي هذا الشعور ومنها ( النجاح، التميز، الكفاءة، الفوز،… والكثير من المتشابهات ) وكُل كلمة تحمل طاقة تدعم معناها … فتجد هذا الفرد يتعامل مع الموقف بثقة وتنهال عليه الكلمات الجميلة والرائعة ويسترسل بتسويقها وتقديمها لأعضاء اللجنة بكل كفاءة وفاعلية… وهنا يغلب على أعضاء اللجنة رفع درجات تقييمه بالقبول المباشر أو ضمن الاحتياط الأفضل. 

نذهب للمقابل : الفرد المتشائم الذي يرى بان اللجنة إجراء روتينٍ وشكلِ وأنه تم اختيار المقبولين مُسبقا هنا تعمل ماكينة العقل الباطن وفق انطباع الفرد فتجلب لهُ الكلمات المتوافقة مع هذا الانطباع( كذب، خداع ، واسطة ، ظلم ، فساد …. إلى ما لانهاية من المتشابهات) ولأن كما ذُكر أعلاه لكل كلمة طاقة تدفع بسلوك الفرد باتجاه معناها …. فتجد الفرد أمام اللجنة (متوتر ، مضطرب ، ركيك ، يتلعثم كثيرا ، هذه الطاقات السلبية المتراكمة تُضعف شخصية الفرد) فتضطر اللجان غالباً وضع علامة صح امام ( غير مناسب ).

السؤال هنا لماذا ماكينة العقل الباطن صنعت فرد بمواصفات إيجابية هنا وهناك بمواصفات سلبية … ذاك استفاد وانتفع والأخر سقط واساء لنفسه. 

الإجابة هنا جزءها الأساس وادلتها في المقالات السابقة / أنت من يُدير شئون حياته بالسلب أو الايجاب … والخلل العميق الذي أصاب ماكينة العقل الباطن وكيفية إصلاحه في المقال القادم بإذن الله.

دُمتم واحبابكم مُنّعمين بالصحة والسلامة والخير الوفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى