خلك مثل رقم واحد (1) لا تعطي أحد أكثر من حجمه

في زمن كثرت فيه العلاقات وتشابكت فيه المصالح والمجاملات، بات من السهل أن نُخطئ في تقدير الناس، فنعطي البعض مكانة لا يستحقونها، ونمنح ثقتنا لمن لا يقدرها، ونُسرف في التنازل تحت راية “الاحترام” أو “الذوق العام”.
لكن الحكمة تقول:
“خلك مثل رقم واحد، لا تعطي أحد أكثر من حجمه.”
ليس المقصود هنا الغرور أو التكبر، ولا الانتقاص من الناس، بل هو دعوة للتوازن. أن تعطي كل إنسان قدره الحقيقي، لا أكثر ولا أقل.
وأن تبني علاقاتك على الوعي، لا العاطفة العمياء، وعلى المبدأ، لا المجاملة الزائدة.
تقديرك للآخرين لا يعني التنازل الإسلام يحث على حسن الخلق، وصون اللسان، والتواضع، لكنه لم يدعُنا إلى إهانة ذواتنا أو مداهنة من لا يستحق. قال النبي ﷺ:
“أنزلوا الناس منازلهم.”
ففي هذا التوجيه النبوي دلالة واضحة على أن احترام الناس لا يعني مساواتهم جميعًا، بل إعطاء كل ذي قدرٍ قدره، دون غلو أو تفريط.
خذ مثلًا هذا المشهد المتكرر في حياتنا
شخصٌ مقرّب — صديق أو زميل أو حتى قريب — يسخر منك أمام الآخرين، يستهين برأيك أو يهمّشك في النقاش. وأنت، بدافع الاحترام أو الخجل، تبتسم وتسكت.لكن الصمت المتكرر لا يُفهم دومًا على أنه أخلاق عالية، بل قد يُفسَّر على أنه ضعف هنا نقول خلك مثل رقم واحد، واجه بلطف، وردّ بحزم، وبيّن أن للكرامة خطوط حمراء لا ينبغي تجاوزها.
وفي مثال آخر منتشر في الآونه الأخيرة نرى بعض الشباب والفتيات ينبهرون بشخصية مؤثرة في وسائل التواصل. يتابعونه بشغف، يعيدون نشر أقواله، ويدافعون عنه حتى في أخطائه.
وهنا أيضًا اقول لهم خلك مثل رقم واحد استفد من تجارب الآخرين، لكن لا تفقد هويتك. لا تجعل من إعجابك سببًا لتقليد أعمى، ولا تمنح التأثير لأحد حتى يسيطر على عقلك ومواقفك.
في الختام أن تكون مثل الرقم واحد، لا يعني أن تعيش وحدك، أو تعزل نفسك عن الناس. بل يعني أن تكون ثابتًا في قيمك، متوازنًا في مشاعرك، واضحًا في حدودك. قدّر الناس، وأحسن إليهم، لكن لا ترفع أحدًا فوق منزلته، ولا تُهِن نفسك إرضاءً لأحد. فكما أن الرقم (1) أساس لكل عدد، لكنه لا يصبح (1000000) إلا إذا أُضيف له من يستحق، كذلك أنت، قيمتك ثابتة، وتزيد فقط بمن يُضيف لحياتك معنى حقيقيًا.