كتاب واصل

الشخصية الواحدة

بقلم عائض الشعلاني

المجتمع القبلي يتجلى وبكل قوة في مركز الثُقل وفي ” الشخصية الواحدة ” و التي تُجمع حولها الكلمة ويُحتكم إليها عند الإختلاف ويُبنى على ذلك جميع القرارات والأراء ،، والمقصود هُنا هو ” شيخ القبيلة صمام وأمان ” فهذا قدره أن يكون شيخاً لم يُصنَع تاريخه بالصدفه ولا بالشعارات الرنانة ،ولا بصور السنابات ولا بضجيج الإدعاءات بل قدره أن كان شيخا من بيت ” المشيخة ” .

حيث كان أختياره بناءاً على المواقف والرأي السديد والقوة والشجاعة والحنكة انذاك في زمن الأباء و من قبلهم الأجداد ثم ورثها الأبناء عن الأباء ،، فمنذ القدم ،، كان شيخ القبيلة هو المرجع الأول والأخير، ليس بمنطق السيطرة ،، بل بمنطق الثقة المتوارثة والمكانة التي تنحتها المواقف والظروف في قلب المجتمع القبلي قبل أن تُعتبر كوثائق أو مجرد ألقاب يُنادى بها ،، وما عدا ذلك فهم أفراد من ضمن قبيلة مهما علا شأنهم أو مناصبهم أو زادت شُهرتهم و يُفترض فيهم أن يحترموا هذه المكانة و أن لا ينافسوه عليه أو يسطوا أحدهم على رمزيته .

وما نراه اليوم هو ذلك الإدعاء المتزايد لدى البعض ممن ينتسبون للقبيلة إلى إظهار أنفسهم و تلميعها إعلاميًا وتقديم صورهم كـواجهات للقبيلة في المحافل والمناسبات بل يرون أنفسهم أنهم أحق من الآخرين في التحدث والاستقبال و صدور المجالس وكأنهم من كوكبٍ آخر وما سِواهم في نظرهم أقل منهم درجة ،، و أحيانًا تراهم يتجاوزون الشيخ ضمنيًا أو بإظهار ذلك للعيان وكأنه مجرد رمز تاريخي لا أكثر ،، وهذا لا يسيء للشيخ فقط بل يتعدى ذلك إلى كل أفراد القبيلة مما يُضعف موقف الشيخ أو يقلل من قيمته ومرجعيته .

إن تقديرك و احترامك لشيخ القبيلة ليس كما يظنه البعض تقديساً لشخص شيخ القبيلة إنما هو إحترام وتقدير ،، و لا يُعتبر ذلك رجعياً أو تخلفاً أو تقليلاً من شخصك الكريم أبداً ،، بل هذا تعزيزاً لمكانة القبيلة وتوحيداً لصفها وقوةً لكلمتها و هي أي القبيلة سنداً للفرد في كثيرٍ من المواقف و التي يحتاج فيها الإنسان إلى قبيلته فالشيخ عندما يكون قوياً و موقراً له مكانته الطبيعية والتي يفترض في وجودها دون أن ينافسه أحد أو يتعالى عليه ،، فحفظ المكانة له توحد الصف وتجمع الكلمة و تحمي القبيلة من التفكك وتحفظ لها صورتها القويه أمام الآخرين . 

فمكانة الشيخ لا تتقاطع مع الطموح الشخصي و لكنها تُلزم كل طامح بأن يضع حدودًا لنفسه لا تمسّ هيبته ومكانته الإجتماعية ، فمن أراد خدمة قبيلته فليخدمها من خلال شيخها وليس بعيداً عنه ومن تحت نظره وليس من خلف الكواليس ولا بالمنصات و الظهور الإعلامي .

  وليتذكر الجميع بأن المجد القبلي لا يُبنى بالمشاكسات ولا بالمناكفات و لا بالمنشورات ،، بل بالنية الصادقه البناءة والأمانة والنصح والإخلاص فهذا دليل على التقدير والإقرار بالمرجعية لشيخ القبيلة وإجماعٌ للكلمة وقوة للانتماء ،،، فالقبيلة وشيخها هي دعامة من دعائم تكوين المجتمع الكبير و هي الحصن الحصين بعد الله يستمد الفرد قوته من قوة قبيلته وشيخها وسمعته من سمعتها أيضاً ،، فهي العزوة والمحزم المليان كما يقال فعند الشدائد لا غنى لأي شخص عن قبيلته وربعه والمواقف خير شاهد على ذلك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى