كتاب واصل

الصداقة

أ.د. أحمد بن محمد الحسين – أكاديمي سعودي

كمدخل لمقالتنا اليوم هي موجهه للشباب، في بداية تكوين الصداقة، والتعرف على الأصدقاء.
يقول الحكيم:
اللي مايحطك ربح
لاتحطه رأس مال

وقد صدق الإمام الشافعي في قوله:
إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً
فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا
فَفي الناسِ أَبدالٌ وَفي التَركِ راحَةٌ
وَفي القَلبِ صَبرٌ لِلحَبيبِ وَلَو جَفا
فَما كُلُّ مَن تَهواهُ يَهواكَ قَلبُهُ
وَلا كُلُّ مَن صافَيتَهُ لَكَ قَد صَفا
إِذا لَم يَكُن صَفوُ الوِدادِ طَبيعَةً
فَلا خَيرَ في وِدٍّ يَجيءُ تَكَلُّفا
وَلا خَيرَ في خِلٍّ يَخونُ خَليلَهُ
وَيَلقاهُ مِن بَعدِ المَوَدَّةِ بِالجَفا
وَيُنكِرُ عَيشاً قَد تَقادَمَ عَهدُهُ
وَيُظهِرُ سِرّاً كانَ بِالأَمسِ قَد خَفا
سَلامٌ عَلى الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها
صَديقٌ صَدوقٌ صادِقُ الوَعدِ مُنصِفا

ويمكن تمييز مفهوم الصداقة الحقيقية بالعلاقة الإنسانية التي تقوم على المودة والاحترام المتبادل، وتتميز بالصدق والحق والشفافية.
وهي رابطة عميقة الجذور تتجاوز المجاملات الظاهرة، حيث يتشارك الأصدقاء في اللحظات السعيدة والحزينة، ويقدمون الدعم لبعضهم في الأوقات الصعبة.
والصداقة الحقيقية ليست مجرد تبادل كلمات مجاملة، أو إظهار عواطف مزيفة، بل هي علاقة قائمة على الثقة، الفهم، والاحترام.
وفي جوهر الصداقة الحقيقية، يكون الشخص الآخر مهماً لك بصدق دون انتظار مقابل.
وتتميز هذه العلاقة بالاستمرار رغم الصعوبات وتجاوز الأوقات العصيبة.

ويمكن بيان أركان الصداقة الحقيقية فيما يلي:
١/ الثقة المتبادلة: أساس أي علاقة صداقة حقيقية هو الثقة، ويجب أن يشعر الأصدقاء بالأمان في مشاركة أسرارهم وآرائهم دون خوف من الحكم عليهم.
٢/ الصدق: لا مجال للكذب أو التلاعب في الصداقة الحقيقية، ويكون كل طرف صريحاً مع الآخر بشأن مشاعره وآرائه.
٣/ الاحترام: الاحترام المتبادل بين الأصدقاء يعني تقدير المساحة الشخصية، وعدم الإضرار بمشاعر الآخر.
٤/ الدعم المتبادل: في الأوقات الجيدة والسيئة، يجب أن يكون الأصدقاء مستعدين لدعم بعضهم البعض بغض النظر عن الظروف.
٥/ التسامح: أحياناً، قد يحدث خلاف أو سوء تفاهم، وفي الصداقة الحقيقية يجب أن يكون هناك تسامح ورغبة في إصلاح العلاقات.

ومن أهم شروط الصداقة الحقيقية:
١/ الصدق في المشاعر: يجب أن تكون الصداقة نابعة من مشاعر صادقة وليس من أجل المصالح أو المجاملات.
٢/ الإخلاص: الإخلاص في الأفعال والكلمات هو ما يعزز العلاقة بين الأصدقاء.
٣/ المشاركة الفعالة: يجب أن يكون الأصدقاء مستعدين للمشاركة في الحياة اليومية والمواقف المختلفة.
٤/ النضج العاطفي: الصديق الحقيقي يجب أن يمتلك نضجاً عاطفياً يعينه على تقديم الدعم والمشورة الحكيمة.

وقد يطلب منا توضيح مهم يتعلق بهذا السؤوال الجوهري ..
كيف نعرف الصديق الحقيقي؟ نعرف الصديق الحقيقي من خلال الآتي:
١/ يظهر في الأوقات الصعبة: الصديق الحقيقي هو الذي يظهر عندما تحتاج إليه في اللحظات الحاسمة والمواقف الصعبة.
٢/ يبقى بجانبك مهما كانت الظروف: لا يختفي الأصدقاء الحقيقيون بمجرد تغير الظروف أو ظهور تحديات جديدة.
٣/ يدعمك لتكون الأفضل: الصديق الحقيقي يشجعك على النجاح ويحفزك على التطور، ولا يحاول أن يحبطك.
٤/ يعرف كيف يعبر عن مشاعره بصدق: قد يكون أحياناً قاسيًا في كلامه إذا لزم الأمر، ولكن ذلك يكون من أجل مصلحتك وليس لإيذائك.
٥/ لا يتوقع منك مقابل: العلاقة مع الصديق الحقيقي لا تعتمد على المكافآت أو المنفعة الشخصية.
والصداقة الحقيقية هي تلك الحديقة التي تنمو وتزدهر بالتفاهم والحب والتقدير.

ونختم بمقوله شكسبير الشهيرة: “الصديق الجيد هو سلعةٌ نادرة ويصعب العثور عليه، إذا كان لديك واحد، فأنت من بين الأغنى على كوكب الأرض”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى