مبادئ الشفافية والحوكمة في إدارة الأوقاف: ركيزة الثقة والاستدامة
بقلم/ أحمد صالح الزهراني/ جامعة الحدود الشمالية
تُعد الشفافية والحوكمة من أبرز المبادئ الإدارية التي تقوم عليها المؤسسات الحديثة، ويزداد حضورها أهمية في إدارة الأوقاف نظرًا لما تمثله من مسؤولية شرعية ومجتمعية تجاه المال الوقفي وحقوق المستفيدين. فالأوقاف تُدار نيابة عن المجتمع، الأمر الذي يجعل الالتزام بالحوكمة الرشيدة والشفافية الواضحة ضرورة لا غنى عنها لتعزيز الثقة وضمان الاستدامة.
وتشير الحوكمة في إدارة الأوقاف إلى مجموعة من الأنظمة واللوائح والإجراءات التي تنظم العلاقة بين مجلس النظارة أو الإدارة التنفيذية وأصحاب المصلحة، بما يضمن حسن اتخاذ القرار، وتحديد الصلاحيات، والمساءلة، ومنع تعارض المصالح. كما تهدف الحوكمة إلى تحقيق العدالة والكفاءة في إدارة الموارد الوقفية، وضمان توجيهها نحو الأغراض التي أُوقفت من أجلها.
أما الشفافية، فهي تعني وضوح المعلومات وإتاحتها للجهات المعنية والمجتمع، سواء ما يتعلق بالإيرادات والمصروفات، أو آليات اتخاذ القرار، أو نتائج الأداء. وتُسهم الشفافية في تعزيز المصداقية، والحد من الشبهات، وتقوية ثقة المتبرعين والداعمين، وهو ما ينعكس إيجابًا على نمو الأوقاف واستمرار عطائها.
وتبرز أهمية الشفافية والحوكمة في الأوقاف في قدرتها على حماية المال الوقفي من سوء الإدارة أو الهدر، وذلك من خلال توثيق العمليات، وإعداد التقارير المالية والإدارية بشكل دوري، وإخضاعها للرقابة الداخلية والخارجية. كما تساعد هذه المبادئ في تحسين كفاءة الأداء، ورفع مستوى الالتزام المؤسسي، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد.
ومن الجوانب المهمة أيضًا أن تطبيق الحوكمة والشفافية يسهم في تحقيق الامتثال للأنظمة واللوائح الرسمية، ويواكب متطلبات الجهات الإشرافية، خاصة في ظل التحول المؤسسي الذي يشهده القطاع غير الربحي. كما يعزز ذلك من قدرة الأوقاف على بناء شراكات فاعلة مع الجهات الحكومية والخاصة.
وفي الختام، فإن الشفافية والحوكمة ليستا مجرد شعارات إدارية، بل ممارسات عملية تضمن سلامة إدارة الأوقاف، وتحافظ على مقاصد الواقفين، وتحقق التنمية المستدامة للمجتمع. ومع ازدياد الوعي المؤسسي، أصبح تبني هذه المبادئ معيارًا أساسيًا لنجاح الأوقاف واستمرار دورها الريادي في خدمة المجتمع.



