كتاب واصل

من النَّص إلى المنصّة

د.أديم بنت ناصر الأنصاري

أكاديمية وكاتبة

أتعلمون ما وراء هذا العنوان؟
إنه العبور الهادئ من ضوء القصيدة إلى وهج المنبر، ومن حميمية الورق إلى فضاء النقد الأكاديمي. رحلةٌ تحوّلت فيها تجربتي الشعرية إلى مادة بحثية في مؤتمر قسم اللغة العربية بكلية الألسن بجامعة عين شمس بالقاهرة، تحت عنوان:
«الدراسات العربية والتفاعل الثقافي».

‎تخيّلوا فقط… كيف يكون شعور الشاعر حين يرى اسمه متوهجًا على شاشةٍ أمام نخبة من الباحثين؟
لقد رأيت اسمي يتلألأ في بحث حمل عنوان:
«بناء الثنائيات وتحطيمها: رؤية معاصرة في الأنساق الثقافية — أديم الأنصاري أنموذجًا».

‎يتقدّم الأستاذ الدكتور عبد الباقي الخزرجي، عضو هيئة التدريس بالجامعة المستنصرية، ويردد بيتي:

‎إن كنتُ ديماً أنت غيثي الهاطِلُ
والحقُّ أنتَ وما عداكَ الباطِلُ

‎ثم يبتسم قائلًا:
«الله يا أديم… على هذا الإبداع!»
ويعدني بنشر صوتي الشعري في المحافل الأدبية والعلمية، بل ويدعوني إلى بغداد لإقامة أمسية شعرية هناك.

‎وأنا أصغي إلى الدكتورة أسماء، عضو هيئة التدريس بجامعة بغداد، بكل حواسي؛ تغمرني مشاعر البهجة والفخر والحماس والمحبة. ثم تأتي المداخلات، فيتصدى لها الدكتور عبد الباقي بإتقان وحرفية، موضحًا مفهوم الأنساق الثقافية وطبيعة الدراسة لمن استعصى عليه فهمها.

وماذا تقول لي د.أسماء في جلستنا المسائية بأحد المقاهي ؟ 

‎فعلاً… قصائدك جميلة وتستحق الدراسة. وقد “

‎أثّرت فيَّ قصيدة المستحيل، وأذكرها جيدًا لأنني اشتغلت عليها من قبل

‎كلماتها وقعت في روحي كزخّة مطر على أرض عطشى.

‎وما شعرت إلا وأنا على المنصة…
أشكرهما، وأقرأ أبياتًا وُلِدت للتوّ من رحم اللحظة، مترفة المشاعر، عالية الإلهام. لحظةٌ أوشكتُ فيها على السجود شكرًا لله أن مَنَّ عليّ بهذا الحضور المهيب.
وقال رئيس الجلسة يومها:
«يَندر أن يُناقَش بحثٌ عن مبدع في حضوره… لكن حضور الأديبة اليوم صنع مشهدًا يُحفظ في الذاكرة».

وها أنا أحفظ ذلك المشهد في ذاكرتي إلى الأبد 

‎ربما لا يجني الشاعر مالًا وفيرًا، ولا يربح من قصيدته ريالًا واحدًا…

، ولكن في الحياة لحظات ومشاهد لا تقدر بثمن، تظل في الذاكرة على مدى الزمن ، وهذا من فضل ربي فالحمد له في السر والعلن ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى