الناس لطفاء بحجم المصلحة!
بقلم: راضي غربي العنزي – كاتب سعودي
خذها قاعدة في حياتك واحفرها في جدار ذاكرتك بمسمار من فولاذ: الناس لطفاء بحجم المصلحة لا أكثر. لا تنبهر بالابتسامات العريضة ولا بالكلمات المنمقة، فهي في الغالب مجرد عملة مزيفة في سوق العلاقات. المحبة الصافية عملة نادرة كالألماس، أما اللطف الزائف فهو أرخص من علكة تُرمى بعد دقائق. والمشكلة أننا نحن من يصدق أن كل من يضحك لنا يحبنا، وأن كل من يمدحنا يقدّرنا، مع أننا نعلم أن العالم مليء بأقنعة تتبدل كما تتبدل الفصول.
الحياة يا صديقي تشبه مطعمًا كبيرًا، يجلس فيه البعض إلى جوارك لأنهم جائعون، والبعض لأنهم يحتاجون ما أمامك، والبعض الآخر فقط ليلتقطوا صورة جميلة ثم يمحونك من ذاكرتهم بمجرد أن تُقدَّم الفاتورة. لذلك لا تتعمق ولا تتعلق، عامل الناس بأخلاقك لا بأخلاقهم، وامنح قلبك حصانة ضد الاستغلال، وابتسم ولكن لا تضع روحك رهينة عند تجار المصلحة.
ويذكرك القرآن بهذه الحقيقة الخالدة قال تعالى:
> {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة: 204]
فاصلة ،
إذا أردت أن تعيش بسلام، فتعلم أن ترى خلف الأقنعة، واحتفظ لنفسك بكرامة لا يشتريها المديح ولا يبيعها التملق. واعلم أن الناس سيظلون يبتسمون في وجهك حتى ينتهي رصيدك من المصالح، عندها سترى الحقيقة: بعض الوجوه لم تكن وجوهًا أصلًا، بل مجرد أقنعة رخيصة من سوق التنكر! فاضحك ولا تحزن… فقد ربحت معرفةً لا يعلّمها أرقى أساتذة الحياة: أن أغلب العلاقات مؤقتة كعلبة مناديل… أول ما تنتهي فائدتها، تُرمى في أقرب سلة مهملات.