كتاب واصل

الافكار هي كُل الاشياء

بقلم د. فهد ال دهيس الزهراني

بسم الله وبالله التوفيق انتهى سطرنا الأخير في المقال السابق بسؤال : كيف أنا سبب كُل ما أنا فيه؟ … واستأذن هنا بتوضيح وردني من احد الأصدقاء وتكرر من أخر / في المقال السابق وردت جملة ( القاعدة الذهبية) وكأن هناك عتمة تُحيط بهذه الجملة لم تتضح تماما رغم أهميتها ووصفها بالذهبية ويرون بأنه وجب مزيد من الايضاح ونقول وبالله التوفيق وباختصار شديد ( أفكارك هي التي تصنع وتُديّر شئون حياتكــ ) وجب عليك الاهتمام بشكل دوري بغربلة أفكاركــ تمسكــ وتشبث بالايجابي واهتم بتنميته وتعزيزه واسقط السلبي وما لا نفع منه وتأكد أنكــ المسئول الأول والمباشر عن هذا وذاكــ … وتلك الغربلة مهارة سنأتي إليها في حينه وفي مقالنا اليوم ستقرأ الأدلة الدامغة التي تؤكد مسئوليتكـــ وحدك عن ما أنت فيه …. وبذلك سيتكشف غموض ما استشعره البعض حول القاعدة الذهبية 

استأذن بجملة تعترض عُمق الفكرة / بعض المتسوقين أثناء تجولهم بين أروقة الماركات العالمية التي يروها مميزة وفارهة وتستحق الاقتناء والتفاخر تسقط عليهم سكينة التأمل والقراءة المتأنية ويخرج من هذه السكينة بمجموعة من الأفكار تدفعه بوعي ومسئولية إلى الاختيار والقرار باقتناء تلك الماركة الفارهة غالية الثمن أو تجاوزها إلى ما هو أقل تكلفة وأفضل ولهُ حق الاختيار والقرار … سؤال عن مغزى هذه الجملة الاعتراضية / هذه السكينة الواعية والمسؤولة التي حضرت أمام ماركة مهما عظمت وتميزت ستذهب يوما ما إلى دائرة التأقلم والطبيعي وستسامها النفس وتمل وكأنها لم تكن ويبقى السؤال الأهم هل كانت هذه الماركة المميزة جدا تستحق هذه التكلفة … انتهت هذه الجملة المعترضة وأوصلتنا إلى السؤال التالي / اليس الأولى ان تحضر هذه السكينة بوعيها ومسئوليتها وأنا اتفحص واتنقل بين الأفكار الهامة التي تؤسس وتصنع شئون حياتي؟ ننتهي هنا ونبدأ بسؤلنا السابق كيف كُل ما أنا فيه سببه أنا؟!! وآمل استحضار تلك السكينة للقراءة والتأمل … وبحضور صاحبة الجلالة ( السكينة ) آمل توقفها أمام الجملة التالية ( بعض الأفكار الضارة لقوتها وسطوتها ولإزاحتها تحتاج تقنية خاصة لتفتيتها أنجع وأفضل من المواجهة المباشرة) … وهو ما نحن عليه … نعود للمرة العاشرة للسؤال السابق وفي الإعادة إفادة كيف أنا سبب كُل ما أنا فيه بحلوه ومرة؟!!

   الانسان محور الكون … كُل الاشياء مهما تعدد وتنوعت تبدأ بهذا الانسان وتنتهي إليه خليفة الله في الأرض مأمور بإعمارها بالعمل الصالح … مُكرم ومُفضل على كثير من خلقه بل أضاف سبحانه وتعالى أن جعل مافي الكون مُسخّر لهُ للاستفادة منه كيفما شاء وبما شاء ( سخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا ) الجاثية13 … كما اوجد سبحانه وتعالى وخلق كُل شيء بقدر وجعل الوصول إليه أيا كان وفق قوانين وسنن كونية ثابتة لا تتبدل ولا تتحول ( فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا)فاطر43 سنن كونية عادلة ومتساوية الظروف والفرص ولا تُجامل أو تُحابي احد هنا أو هناك وهي هبة الله للجميع (نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا )الاسراء 20 … كما اعطى سبحانه وتعالى لهذا الانسان المشيئة وحق الاختيار والقرار ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)التكوير 29 ( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) البقرة148 هو المسئول عن مسار حياته والواجهة التي يرغب الذهاب إليها ويدعونا سبحانه وتعالى إلى العمل الصالح فاستبقوا الخيرات …. وكُل ما تسعى وتأمل أن تصل إليه هو بقدر سعيك إليه كما وكيفا (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ)النجم 39 وسيتضح وستجني نتائج هذا السعي ( وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ) 40 فإن احسنت فيما سعيت إليه ذاك جهدك وحصيلة أفكارك أوصلك إلى ما أنت فيه وسيذهب بكــ إلى نفس المسار والنتائج (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ)الاسراء7 ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ)فصلت 46 … كما اهدى سبحانه وتعالى لهذا الانسان سُبل الهداية والصراط المستقيم وحذر من الطُرق المخالفة لها وأعطاه حرية القرار والاختيار (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) الانسان3 وفي الحديث القدسي ( إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرًا، فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)صحيح مسلم من سار وفق السنن الكونية التي اوجدها سبحانه وتعالى حصد الخير والفلاح وحق حمد الله على ما تم ومن لم يصل إلى مبتغاه وضل فلا يلوم إلا نفسه وحق لهُ الشكوى والتذمر وارتداء عباه الضحية  

إذا كُل ما أنت فيه … حياتك بكل ما حوت حصاد أفكارك / انفض عنك غبار الاتكالية واللامبالاة واستشعر مسئولية ما تقوم به وتوكل على الله وستجد حتما ما يسرك ويرضيك        

حسن أفكارك …….. تتحسن حياتكــــ 

وفي المقال القادم بإذن الله السؤال التالي كيف تتحسن الأفكار؟ 

دُمتم واحبابكم مُنّعمين بالصحة والسلامة والخير الوفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى