كتاب واصل

مخطط التهجير وازدواجية المعايير

بقلم : منصور ماجد الذيابي

قد يبدو واضحا خلال كل الانتخابات الامريكية السابقة أن الناخب الأمريكي يدلي بصوته لا من اجل مصالح بلاده والدفع باتجاه تحقيق العدالة والسلام في كل انحاء العالم، وإنما لانتخاب المرشح الأكثر انحيازا واحتضانا للكيان الاسرائيلي المحتل، ما يعني أن اللوبي اليهودي أو الفكر الصهيوني المتطرف هو المتحكم والمهيمن والمسيطر علىصناديق الاقتراع في الولايات المتحدة الأمريكية وكثير من دول أوروبا الغربية والشرقية.

ومثلما أشرت سابقا في مقال سابق بعنوان ” ازدواجية المعايير الغربية والقضية الفلسطينية”، فإن جميع أحرار العالم يعلمون كما تعلم كذلك الهيئات الدولية و المنظمات الأممية أن للفيتو الأمريكي تاريخ طويل و حافل بعرقلة اصدار قرارات مجلس الأمن الدولي التي تعبّر عن رأي الأغلبية في المجتمع الدولي و تسعى لتحقيق الأمن والسلام العالمي واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة المتمثلة في استعادة أرضه المحتلة و عودة اللاجئين والنازحين جرّاء الحروب المتعاقبة منذ عام 1948 وحتى الحرب الأخيرة التي انطلقت شرارتها في السابع من أكتوبر تشرين أول 2024 على قطاع غزة بدعم عسكري من ادارة الرئيس الأمريكي الأسبق جو بايدن و التي أودت بحياة اكثر من 60 الف شهيد فلسطينيي من بينهم عشرات الآلاف من النساء والشيوخ والأطفال..

كان من بين وعود الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامبخلال حملته الانتخابية الضغط باتجاه احلال السلام في المنطقة العربية و انهاء الحرب في اوكرانيا، و كذلك الدفع باتجاه وقف الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة بالتعاون مع الدول المؤثرة في الشرق الأوسط، غير أن مخطط تهجير الفلسطينيين الذي اعلنت عنه ادارة الرئيس الأمريكي مؤخرا و تناقلته جميع وسائل الاعلام قد عبـّر عن خيبة أمل المجتمع الدولي من تلك الوعود الكاذبة والمناورات السياسية الرامية الى كسب أصوات اليهود وغير اليهود في إيصاله مرة أخرى الى البيت الأبيض حيث أصدر ترامب مرسوما يقضي بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية التي تمكنت خلال السنة الأخيرة من ولاية جو بايدن من اصدار مذكرة اعتقال بحق الصهيوني المتطرف بنامين نتنياهو الذي رفض كل قرارات الشرعية الدولية، و تجاهل ارادة المجتمع الدولي ومطالب أحرار العالم رغم معارضة البعض من الوزراء في حكومته و أيضا معارضة ذوي الأسرى ونشطاء السلام لسياسة زعيم حزب الليكود اليهودي الذي يعاني من انخفاض شعبيته بعد قضايا الفساد التي تلاحقه في المحاكم الإسرائيلية و فشله الذريع في تحقيق الأمن الذي يبحث عنه لصالح المجتمع الإسرائيلي بين أنقاض المباني المدمّرة و أشلاء الضحايا ألأبرياء كما أشرت في مقال بعنوان ” البحث عن الأمن بين أشلاء الأبرياء”.

و بعد توليه لمهامه في البيت الأبيض، واستقباله لبنيامين نتنياهو, فقد بدى واضحا زيف تلك الوعود الانتخابية لا سيما بعد اعلانه لخطة تهجير الفلسطينيين و طلب الأخير من مصر و الأردن استقبال الشعب الفلسطيني، اضافة الى جرأته في التصريح لوسائل اعلامية بأن طلب من المملكة العربية السعودية تأسيس دولة للفلسطينيين في أراضي المملكة، مما أثار استهجان و استياء غالبية دول العالم لهكذا تصريحات غير مسؤولة تنطلق من عقلية يهودية شديدة التطرف و التصهين، وبالتالي ترحيب كل دول العالم بالبيان الرسمي للقيادة السعودية, والذي جاء تعبيرا عن موقف المملكة العربية السعودية من خطة التهجير الأمريكية ، و ردا حازما في وجه التصريح الإسرائيلي العنصري المتجاهل لكل مرجعيات و مبادرات السلام الأممية و قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بمنع الاعتداءات على الشعب الفلسطيني الشقيق و وقف الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للقانون الدولي و القبول بمبادرة حل الدولتين لإحلال السلام و انهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط، و إن كان البيان السعودي يعكس – منذ عهد المؤسس المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه – الموقف الدائم و الثابت للمملكة العربية السعودية تجاه القضية الفلسطينية و تجاه حق الشعب الفلسطيني في حماية مقدساته و تقرير مصيره على أرضه الفلسطينية لينعم كبقية شعوب العالم بالأمن والسلام و الاستقرار.

نحتاج مثلك يا صلاح الدّين و المسلولُ ** فالقدس في أيدي بني صهيون تستجيرُ

مسرى رسول الله و المعراج و الأقصى ** أرضٌ لنا دنّسها بنو صهيون الخنزيرُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى