
✍️ فهد الرياحي


في مسار الحياة السريع، كثيرون يركضون وراء المكاسب واللذات، معتقدين أن الدنيا تبتسم لهم، بينما هي غالبًا تضحك عليهم.هذا الواقع الذي تصوره لنا الحياة في خفاياها، يذكرنا بقول الله تعالى: “وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور” [آل عمران:185]،
أن كل هذه الضحكات والمظاهر الزائفة ما هي إلا خداع للغافل، وأن ما نراه من متاع الدنيا ليس إلا اختباراً يختبر قلب الإنسان ووعيه، لا غاية حقيقية.
ضحكات الحياة في أعين الغافل تحمل دروساً قاسية، وأرباحاً مخفية خلفها تجارب تؤكد أن لا شيء يدوم.
الحياة تختبر الإنسان حين يظن أنه يسيطر عليها، فتنهار أحلامه بلا إنذار، وتتزعزع معتقداته عن الناس. وما يبقى صامداً هو ما زرعناه في أعماقنا من وعي وثبات.
كما أمرنا النبي ﷺ: “كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل” (رواه البخاري ومسلم)، لتذكيرنا بأن التعلق بالدنيا يوقع الإنسان في الخيبات، وأن الوعي الحقيقي يكمن في إدراك زوالها وعدم الانغماس فيها.
الحياة دار ممرّ، يزرع فيها الناس ما يشاؤون، ولا ينتظرون الحصاد.كما قال الفيلسوف ابن رشد: “العاقل من يعرف نهاية الأمور قبل أن تقع عليه”.ومن عرف الصبر وعاش بحكمة، لن تهزه الأطماع ولن تسقطه الخيبات.
الدنيا لا تنتظر أحداً : الدنيا تمضي بلا توقف، ومن انشغل بها خسر نفسه قبل أن يخسر وقته. هي تأخذ ولا تُعطي، تبتعد ولا تُقرّب، وتضحك لتختبر ما وراء ضحكاتها. كل ما فيها مؤقت، وكل ما يشغلك عنها زائل.
القيمة الحقيقية ليست في امتلاك الدنيا، بل في ألا تملكك هي.حافظ على قلبك من التعلّق، ووقتك من الضياع، ورفاقك من النسيان.عِش في الدنيا، لا تعش لها وحدها، فكل من وعى معناها يمضي بثبات، دون أن تغرّه الزينة الزائلة.
ختاماً
“الحياة ليست مقياساً لما نملك، بل لما نفهم وندرك”.


