” الشيخ : صالح بن مرزيق العتيبي _ رمز الكرم والسعي للخير “

✍️ كاتب صحفي : حامد بن محمد الهاملي _ دولة الكويت

في أروقة التاريخ السعودي والعربي، تبرز شخصيات تجسد جوهر الرجولة والنبل، تلك التي لا تُقاس بمناصب أو ألقاب، بل بأثرها في نفوس الناس وانتشار إشاعتها في الديار. ومن بين هؤلاء الشيخ : صالح بن مرزيق العتيبي، الذي يُلقب بـ”أبو عتيبة”، رجلٌ يسعى للخير كما يسعى السحابُ إلى إغداق المطر على الأرض الظمأى. إذا حل في ديِه، فكأن الغيث قد أرخى سدوله، يُحيي القلوب بالعطاء والأيادي البيضاء، ويُنير الدروب بالمواقف المشرفة. هذا الرجل ليس مجرد اسم في سجلات القبائل، بل هو نموذج حي للكرم العتيبي الذي يُروى عنه في المجالس والحلقات، يُذكر بفخر ويُدعى له بالتوفيق.
الشيخ صالح ولد في بيئة تجمع بين صلابة البادية وكرم الضيافة، حيث تعلّم من صغره مبادئ الرجولة والإحسان. لم يكن طريقه سهلاً؛ فقد نشأ في أحضان عائلة تُقدّر الشرف والعزة، وترى في العطاء سبيلاً للارتقاء. سرعان ما برز صالح بن مرزيق كشابٍ يجمع بين القوة والحكمة، يُحل النزاعات قبل اشتعالها، ويُمد يد العون قبل أن يُطلب. في قبيلة عتيبة، التي تُعدّ من أعمدة المجتمع السعودي، أصبح اسمه مرادفاً للطيبة، وكأنه امتداد لتراث الأجداد الذين يُروى عنهم أنهم “يُطعمون الطعامَ حُمَّى لِوَجْهِ اللَّهِ”.
ما يميّز الشيخ صالح بن مرزيق هو سعيه الدؤوب لنشر الخير، الذي يتجاوز الحدود الشخصية ليصل إلى الجماعات والمجتمعات بأكملها. إنه الرجل الذي لا ينتظر النداء؛ بل يبادر بالعطاء، سواء كان ذلك في إغاثة الملهوفين أو دعم المشاريع الخيرية أو الإصلاح بين الخصوم. في زمنٍ يُشكو فيه الناس من الضيق والحاجة، يأتي مطلق كالسحاب الذي يُغيث الديار الجافة، يُفرج الكرب ويُحيي القلوب. يُروى عنه أنه في إحدى المواقف الشهيرة، أنفق ماله دون حساب لإنقاذ عائلات من الفقر، وقد ساهم في بناء مساجد ومدارس، ودعم الطلاب الفقراء في سعيهم للعلم. هذا السعي للخير ليس صدفة، بل هو منهج حياة، يُشبه فيه الشيخ سلف الصالحين الذين قال عنهم القرآن الكريم: **”وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا”**.
في المجالس العامه بالخليج ، تتردد قصصه كالأناشيد الشعبية؛ كيف أن يده اليمنى لا تدري ما تنفق اليسرى، وكيف أن بابه مفتوح للضيوف من كل صوب وحدب. إنه يُذكّرنا بقول الشاعر: “وَمَنْ يَسْعَ لِلْخَيْرِ يَجِدْهُ فِيْ كُلِّ مَكَانْ”، فالشيخ بن مرزيق وجده في كل خطوة، وجعله شعاراً لعيشه. وفي عالم اليوم السريع، حيث يغلب المنفعة على المعروف، يبرز صالح كنجمٍ يُضيء الدرب للآخرين، يُعلّمهم أن الخير ليس في الكلام، بل في الفعل الذي يُغيّر الواقع.
وإذا حل الشيخ صالح بن مرزيق في ديِه، فكأن السماء قد انشقت غيثاً، يُروي الأرض ويُحيي الزرع. هكذا يُوصَفُ في الروايات الشعبية؛ فحيثُما حلَّ، انتشر السرور والأمان، وتدفقت الأنهار من الكرم. كان صوته الذي يُجْمِعُ الشتات، يُطفئ نيران الخصام بكلمة طيّبة أو إشارة حكيمة. هذا الوصف – “مثل السحاب” – ليس مجازاً، بل حقيقة تُشهد بها الديار التي زارها؛ ففي الرياض ونجد، وفي المناطق الشرقية، يُروى عنه أنه ترك أثراً لا يُمحى، يُدْعَى له في الصلوات يحمل في قلبه محبة الناس، وفي يديه الخير الذي يُغْنِيَ الفقيرَ ويُسْعِدُ الغنيَّ. في زمنٍ يُثْقِلُ فيه الهمُّ النفوس، يُذَكِّرُنا بأن الرجلَ الحقَّ لا يُقَاسْ بما يَمْلِكُ، بل بما يُعْطِيَ. وهوَ يُجْسِّدُ قولَ الرسولِ صلى الله عليه وسلم: “خَيْرُكُمْ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ”


