الطيبة جريمة العصر …!
أعظم معارك الإنسان ليست ضد الناس، بل ضد محاولته أن يصبح نسخة من الآخرين.
✍️ راضي غربي العنزي – كاتب سعودي
المعاملة بالمثل تبدو عادلة على الورق، لكنها في الواقع فخ ذكي يحبس قلبك ويستنزف روحك. أن ترد الجفاء بالجفاء وكأنك موظف في مكتب، ليس عدلًا، بل تشويه لسجيتك. محاولة تقليد الآخرين ليست حكمة، بل عبء على النفس يثقلها ويجعلها غريبة عن ذاتها.
يقال: «الأصل يغلب التكلّف». وحتى لو حاولت أن تكون متزنًا أو هادئًا، سيعرفك قلبك. التصنع ضد الطبيعة يولد شعورًا بالغربة عن نفسك، وسينقض عليك كل تصرف غير أصيل.
قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.
الرحمة لا تعني أن تذوب في محيط الآخرين، بل أن تحمي قلبك وتبقى لطيفًا دون أن يستغله أحد. لطافتك الحقيقية هي ما يجعل وجودك مؤثرًا، حتى لو لم يفهمه من حولك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس أنفعهم للناس».
العطاء الحقيقي لا يحتاج إلى مقابل، ولا يكون مجرد رد فعل. يمكنك أن تكون لطيفًا وأصيلًا، وأن تمنح دون أن تنتظر أن يفهمك الآخرون أو يحاكونك.
الكون لا يعمل بالمثل؛ الشمس تشرق على الجميع، والورد يزهر دون إذن من أحد. الطبيعة لا تنتظر تصريحًا من البشر، وأنت كذلك لا تحتاج إذن أحد لتكون نفسك.
أحد الحكماء قال: «من يحاول إرضاء الجميع ينتهي بلا وجهة».
الدرس واضح: ضع حدودك، احمِ نفسك، وحافظ على أصالتك. حتى لو بدا لك أن العالم يسخر، ستظل أنت من يتحكم في قيمك ومبادئك.
وقال حكيم أخر: «الطيبة قوة لا يقدرها الجاهل».
المعنى بسيط وواضح: كن لطيفًا وحقيقيًا، ولكن لا تسمح لأي شخص أن يحيدك عن طبيعتك أو يفرض عليك قيوده.
إذن، كن أصيلًا، ضع حدودك، حافظ على طيبتك، ولا تسمح للعالم أن يشوهك. الأصلي هو من يترك أثرًا، أما المقلد فيترك صدى الآخرين فقط.
> ماأردت قوله ببساطة: أصالتك ليست للبيع، ولا تحتاج إذن أحد. كن أنت، ساخرًا، عقلانيًا، في الوقت نفسه.
ولكن… اصرخ بأصالتك في وجوه العالم، ضحك، تمرد، كن أنت بلا قيود، ولا تنتظر أحدًا، ودع قلبك يثور على كل من حاول تغييره، فأنت الحر، وأنت المختلف، وأنت الذي لا يُقهر!
*الهيئة العامة لتنظيم الاعلام الداخلي 497438
_____________________________________________
Radi1444@hotmail.com