كتاب واصل

” لكل من يستطيع أن يقرأ اللوحة “

( بروح جديدة )


بقلم : فهد الرياحي

أقف أمام خاطرتي، كما يقف الفنان أمام لوحته …
لا يتحدث  ولا يشرح لأنه يعلم أن الشعور لا يحتاج إلى صوت وأن الألم حين يبلغ مداه… يختار الصمت لغةً أصدق من الكلام .

| الصمت |
هو المساحة الوحيدة التي سمحت لي أن أحبها أكثر رغم مرارتها…!

| في هذه اللوحة |
كتبت قصة عنوانها:

“صوت من غيابي”
رسمتها عنواناً، فرسمتني غياباً.
وكتبتها بداية… وكتبتني نهاية.

هناك… وهنا،
رسمت لوحة عنوانها:
“غريب، وحاضرها… جديد”

فهناك أوجاع نحبها بقدر ما تُؤلم،
وهناك غياب… لا يُقاوم، بل يُرسم باشتياق.

الفرق بين الكتابة والرسم ..؟
في الكتابة: نخدع الخيال ليبني المشهد .
وفي اللوحة: المشهد موجود لكن الإحساس وحده من يستطيع أن يقرؤه.

كنت أكتبها في خيالي كأنني ألون الغياب
أضيف ظلاً هنا… ونوراً هناك
لكن كل ما في اللوحة… كان يزداد صمتاً.

فالغياب لا يصرخ،
لكنه يرسمك كما يشاء 
ساكناً، منطفئاً، حاضراً لا يغيب.

لم تكن ماضياً يمضي،
بل فراغاً يتسع…
وكلما حاولت الهرب من تفاصيله،
وجدتني أعود إليه، أكثر امتلاءً به… وأقلّ حضوراً بنفسي.

الحروف لم تكن كلمات،
بل نبضاً يتسرب من الذكريات.
والألوان لم تكن ألواناً،
بل سرابا يختفي… ويعود.

ظننت أنني من يرسم الحرف،
فإذا بالحرف يرسمني.
ليست مجرد سطور كتبتها،

 هي صورة دون إطار
وحكاية دون نهاية.
كل ما فيها يشبه البداية،
وكل ما في… انتهى فيها.

أدركت حينها أن أعمق المشاهد،
هي تلك التي لا تُرى… بل تُشعر.
وأن الحياة ليست سوى لوحة:
من ظلالٍ ولمحات،
تفاصيل صغيرة نسيناها،
وأملٍ… كان يسكننا ثم هاجر.

في الختام:
الفقد يوقظنا،
والحياة تعلمنا،
والألم يعلمنا فن الانتظار،
حتى نتقن الرضا…
كما يتقن الفنان صمته أمام لوحته.

الحمد لله دائماً وأبداً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى