آخرُ الناجين… من معركةٍ لم تحدث..! “The Last Survivor… of a Battle That Never Happened!”
«وفي لحظاتٍ يظنّ فيها القلب أنه وحيد… يتجلّى لطفُ الله كالنور الأول، يمزّق عتمة الإنسان ويأخذه إلى الحياة من جديد»

✒️ راضي غربي العنزي – “كاتب سعودي”
ليس في هذا العالم ما يفتك بالإنسان مثل ما يصنعه خياله الجبان. فالناس —منذ أن خُلقوا— يقفون على أبواب مستقبلٍ لم يرَ أحدٌ وجهه، ثم يرتجفون من ظلٍّ لا جسد له، ويتألمون من ذكرياتٍ انتهت، ومع ذلك يحملونها كأنها ما زالت تنزف. إنه زمنٌ ينهار فيه البعض قبل أن تبدأ معاركهم، لا لأن الواقع قاسٍ، بل لأن الخيال أشدّ قسوة منه.
الحقيقة التي يخشاها العقل البشري هي أن أعظم السجون لم تُبنَ من الحديد ولا من الجدران، بل من توقّعات البشر أنفسهم. ومع ذلك، يتنزّل على القلوب نداءٌ سماوي يكسر تلك القيود بصوتٍ رحيم: «أنا عند ظن عبدي بي». وكأن الرسالة أن الله، اللطيف الرحيم، يربط نجاتك بما تحمل في قلبك من حسن الظن به؛ فكلما عظّمت ربك في صدرك، صغُر كل شيء آخر أمامك.
هذا النداء الإلهي لو وُضع فوق قلب رجلٍ منكسر لنهض. ولو سُكِب في روح خائف لابتسم. ولو لامس صدرًا أثقلته الهواجس لنهض صاحبه كأنه خُلق من جديد. إن حسن الظن بالله ليس ترفًا روحياً، بل سلاح وجودي ينقذك من وحوشٍ صنعتها مخاوفك. ولهذا قال الحكماء —سقراط وأفلاطون وأرسطو وآخرون— إن الإنسان لا يُهزم من العالم، بل من الأوهام التي تولد من داخله.!
ولأن الله لا يترك عباده في هذا الضياع الداخلي، فقد أكّد بقوله تعالى:
﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾
آيةٌ تكفي لتبني بها عمرك كله. فإذا كان الله يكفيك، فماذا يمكن أن يخيفك بعد ذلك؟
ولكي لا تبقى الفكرة في إطار الكلام، فثمة قصة قريبة تولد من قلب الواقع: شاب فقد عمله فجأة، وظنّ أن العالم ضاق به. انطفأ أسبوعين كاملين أو أكثر بقليل، قبل أن يرفع يديه في ليلةٍ حالكة ويقول:
“يا رب… إن كنتَ عند ظنّ عبدك، فإني أظنّك أكرم من أن تتركني بلا باب.”
وفي صباح اليوم التالي تمامًا جاءه اتصال غير متوقع؛ قبول فوري من شركةٍ نسي أنه تقدّم إليها. لم تكن القصة عن الوظيفة…! بل عن القلب حين يتحرر من خوفه ويعلّق نفسه بالله لا بالأبواب المغلقة.
لقد قال ابن القيم: “القلق لا يغيّر القدر، لكنه يسرق القلب.”
وكأن الحكماء من كل العصور يعزفون اللحن ذاته: ما يؤذيك هو وهمك… لا حقيقتك.
إن العالم اليوم يربّي الخوف في صدور الناس؛ سرعة، ضوضاء، أخبار تُسمن القلق، وأجهزة تحوّل الإنسان إلى كائنٍ ينتظر المصائب قبل أن تُخلق. لكن الحقيقة الساخرة أن المستقبل لا يعرفك ولا يقترب منك، بينما الله —مالك الغد— يكتب لك ما فيه بحكمةٍ تُنقذك من نفسك قبل أن تُنقذك من الناس.
فبدلًا من أن تصلح الغد، أصلح زاوية رؤيتك. عدّل ظنك… يتعدّل عالمك. حرّر قلبك من توقعاتٍ لا يكتبها الله، واملأه بتوحيدٍ يكسّر كل ما يثقل صدرك.
أيها القارئ…
تذكّر جيدًا: الخوف الذي يسكنك لا يمتلك شهادة ميلاد. أنت من خلقه. والغد الذي تهرب منه لا يعرف اسمك… الله وحده يكتبه لك. فكيف يخيفك ما لا يملكك؟ وكيف يكسرك ما لا يقدر عليك؟ انهض كأنك آخر الناجين من معركة لم تحدث إلا في رأسك. انهض بقلبٍ يعرف أن الله لا يترك عباده عند باب الخوف، بل يأخذ بأيديهم إلى نورٍ أقوى مما يتصورون.
وفي النهاية…
حسن ظنك بالله هو السيف الأول والدرع الأخير. إذا أحسنت الظن تغيّر كل شيء، وإذا أسأت الظن لم يتغير شيء إلا تعبك أنت.
اذهب إلى يومك الآن… واسعَ فيه بقلبٍ يعرف أن الله معك، وأن الملحمة التي تنتظرك لن تبدأ إلا حين تُسقط أوهامك أرضًا، وتنهض أنت.
● همسةُ توكُّل …
«وفي اللحظة التي تظنّ فيها أن الطريق انتهى…
يفتح الله لك بابًا لم يخطر على قلبك.»
«فالقلوب التي تُحسن الظن… تُصنع لها المعجزات بصمت.!»
● ابتسم الآن … فهناك من يحبك … ويكتب لأجلك…!
الهيئة العامة لتنظيم الإعلام الداخلي 479438
□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□
Radi1444@hotmail.com

