كتاب واصل

“الهاشتاقات” المسيئة (حرق ودمار لقيم وتماسك المجتمع )

بقلم : تركي سعود بن فدغوش

ازدادت في الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي سواء “الفيس بوك” او “التويتر” “الهاشتاجات” المسيئة، والتي تعني الوسوم المسيئة بدعوى حرية الرأي أو الانتقام من شخص ما بصورة “هاشتاج” مسيء، وربما النيل من شعب بأكمله بالاستهزاء والسخرية منه وما هو إلا سب علني وقذف يعاقب عليه القانون فضلاً على انه لا يجوز شرعاً .

والآن في عصر الحريات المزعوم، فلك مطلق الحرية في الانتقاد والتعبير عن رأيك و لكن دون التجاوز عن حدود الأدب أو الخوض في الأعراض أو التهكم من الأصول والثوابت الدينية، أو السخرية من فئات المجتمع الأخرى أو شعب شقيق آخر, وتلك الزيادة في الانتشار سببها أن صاحب تلك الدعوى المسيئة يقوم باستفزاز محبي “فلان” أي شخص آخر، أو كارهي “فلان” ومن ثم يتشاركون بهذا “الهاشتاج” ويزيدوا الأمر من الاتساع فهو لا يريد إصلاحا بل يريد فحشاً في اللسان ودنواً في الأخلاق، وان كان الأمر هو الانتقاد لأنتقد بأدب دون تجريح أو لمز وغمز, وما أكثر “الهاشتاجات” المسيئة التي تروج وتستهدف تلميح جنسياً فاضحاً يندى له الجبين ولا يجوز المشاركة فيه، فضلاً عن مرور تلك “الهاشتاجات” المسيئة أمام نساء وشباب صغار من المفترض زرع القيم الرفيعة بهم والأدب في المناقشة وتعليمهم أساليب الحوار الراقية .
ومن ناحية أخرى تسببت تلك “الهاشتاجات” المسيئة في زرع فتنة التعصب بين الفئات المختلفة وخاصة القول في التشجيع الرياضي كالمجال الكروي على سبيل المثال فعندما يُسب لاعباً أو نادياً ويندرج من تحته التعليقات والمشاركات من الفئات المدافعة ضد الأخرى .
وأصبح الأمر الآن كيف تؤلف “هاشتاج” مسيء لشخصٍ ما أو لطائفةٍ ليكون من الأكثر تداولاً Trendعلى شبكة الانترنت وكي ينال الأول بالترتيب بين “الهاشتاجات” الأخرى وهو
فليس الأمر خاص بالانتقاد وفقط، بل أنه قد أمتد إلى المنافسة والصراع على الأكثر تداولاً بغض النظر عما يحمله هذا “الهاشتاج” من الإساءة في القول والافتراء وفحش القول، فالمهم هو التصدر للأكثر تداولاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
وكم لاقينا من الأضرار الجسيمة والكوارث الوخيمة نتاج كلمة أطلقها سفيهٍ بلا عقل، فكم تسببت الهاشتاجات المسيئة في المجتمع من قطع أواصر وزرع نار الحقد والضغينة والتنابذ بين فئات المجتمع المختلفة، فضلاً عن انتشار الفحش في القول والبذاءة في اللسان والخوض في الإعراض وانتهاك خصوصية الأفراد حتى يصبح كل ذلك أمراً اعتيادي مألوف .
وقد حرص شرعنا القويم على عدم التبذل والتفحش في القول في العديد من الأحاديث الشريفة، فعن أبن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ” ليس المؤمن بالطعان، ولا باللعان، ولا فاحش، ولا بذيء” . رواه الترمذي
وعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ” سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ” البخاري ومسلم .
وفى وصف أخلاق نبينا الكريم في عدم السب أو اللعن يقول انس بن مالك لم يكن فاحشاً ولا لعاناً ولا سباباً كان يقول لأحدنا عند المعتبه, ماله ترب جبينه ” البخاري ”
فأهم ما نوصى به في هذا الأمر ” امسك عليك لسانك ” وأربأ بنفسك عن المشاركة والترويج لتلك “الهاشتاجات” المسيئة الفاحشة فإن تجاهلها يميتها وباهتمامك يزيدها انتشارا .
الأمر الثاني يجب على المسؤولين الالتفات إلى “الهاشتاجات” المسيئة التي لا تعبر إلا عن الانحطاط الأخلاقي الواضح والذي لا لبسٍ فيه بإصدار تشريع يجرم تلك “الهاشتاجات” المسيئة .
وأخيراً اعلم أن كل خير في إتباع النبي فهو مما كانت بينه وبين الآخر عداوة وخصومه إلا انه لم يكن فاحش القول أو بذيء اللسان ” ولكم في الرسول أسوة حسنه ” .
ولا تتردد في إطلاق “هاشتاج” #لا_للهاشتاجات_المسيئة ولنجمع فيه أحاديث النبي التي تنهى عن التبذل والتفحش في القول وأن نحذر من مغبة تلك “الهاشتاجات المسيئه” وما قد تسببه من أضرارٍ بالغة، والتذكير بقول الله تعالى ((مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد)) والدال على الخير كفاعله .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى