كتاب واصل

امراً ملكياً بإجازة تصوير فساد ” المسئول “

وجد المسئول الفاسد للاسف الشديد مخرجاً له من براثن التقنية الحديثة واياديها التي اصبحت تحيط به من جميع الجوانب لتكشف زيف تصنعه وخيانته للامانة وسوء تعامله ، فقد سنت الانظمة الحديثة الخاصة بالجرائم المعلوماتية ، تجريم تصوير الغير وإعتبار ذلك من جرائم التشهير التي توجب لمرتكبها العقوبه المنصوص عليها في نظام الجرائم المعلوماتية ، حيث يعاقب مرتكبها بعقوبة السجن من سنه الى خمس سنوات او بتغريمه من خمسين الف ريال الى خمسمائة الف ريال او بهما معاً .

الاستاذ : حميد أحمد المالكي
الاستاذ :
حميد أحمد المالكي

لست هنا ضد إيجاد الانظمة التي تحمي خصوصيات الآخرين وتحترمها فجميل أن يكون هنالك انظمة تحفظ حقوق الآخرين ، وإيقاف التجاوز عليها ، ولكن ماذا لو ان الامر لايمس الخصوصية الشخصية وليس على المستوى الشخصي ، بل امر يهم المجتمع ومناط بذلك المسئول تأديته وفق امانة حُملها ، وحيث ان الامر هو ” مؤدي خدمة ومتلقي خدمة ” وفق ضوابط وانظمه تتضمن حقوق وواجبات متبادله ، لذا فانه عندما يستحيل تعديل اعوجاج بالطرق الودية او من خلال الجهات المختصة لمؤدي الخدمة فان الامر ربما أنه أحياناً يستدعي أن يُفضح صاحبه ويُعرى أمام الراي العام ، والأهم إيصال امره الى ولي الأمر .

وقد رأينا نتائج ايجابية لذلك الامر ، حيث اسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في الفترة الماضية من خلال نشر مقاطع لبعض المسئولي في تبيان تجاوزاتهم ، أسهمت في اعادة الحقوق الى اهلها ، وكشف الحقائق وبيان الزيف .

إلا أن الشارع انقسم الى مؤيد لاستمرار ذلك الترصد وكشف التجازات لاولئك المسئولين الذين يخشون ” السلطة الرابعة “ولا يخشون الله ، بيد أن البعض الآخر رفض إنتهاج ذلك الاسلوب معللاً موقفه بانه يفضي الى عدم إحترام هيبة المسئول وبالتالي عدم إستطاعته تأدية عمله ، إضافة الى احتمال وجود جانب من الابتزاز الذي قد يستغله بعض ضعاف النفوس من خلال تصويرهم لسقطات المسئول ، مؤكدين أن كل انسان معرض الى الخطاء .

ولكن الجميع أتفق على أن الضرورة هي الفيصل في الأمر ، فبعض المسئولين له في تعامله مع الناس وجهين ، وجهٌ كظيم مكفهر مع المراجع خلف الابواب ، ووجهٌ مبتسم مع المراجع أمام عيون ” السلطة الرابعة ” ، ولذا فلابد للعبد من ترهيبه بالاهه .

وهاهي ” عادت حليمة الى عادتها القديمة ” عاد المسئول ” الخائن للأمانة ” الى ” فرعنته ” وعنجهيته ، ولما لا ؟ والقانون يحمي تجاوزاته ويدعم خيانته للامانه .

فهل من المنطق والعقل ان يرى الاب ابنه يقتل امامه جراء خطاء طبي مثلاً او تهاون ، وهناك اخ يرى اخوه تسلب حقوقه منه عنوه ووووو …… الخ من قبل بلدية او دائرة حكومية خدمية ، ويقف مكتوف الايدي ، ويرى بأم عينه ذلك الخائن للامانة المؤتمن عليها من قبل ولي الامر ، يغيض فيه بضحكته الصفراء متحدياً له بعدم اخذه حقه ومهدداً له بالسجن والغرامه إن حاول كشف تلاعبه وتجاوزه وتسلطه و ” قلة ادبه ” .

عجباً وكل العجب لنظام يحمي المخطيء دون إعطاء تدرج للمظلوم في ايصال دليله الى الجهة المسئولة عن المسائلة والمحاسبة من خلال التقنية الحديثة والتي بها وحدها فقط يمكن تاكيد الدليل على تجاوز ذلك المسئول .

لماذا لايكون هنالك تدرجاً يُعطى لطالب الحق من خلال تصويره لمشهد تجاوز مسئول او سوء خدمة موقع او من هذا القبيل ، بحيث يقوم المراجع المتضرر بالتصوير ، ومن ثم يقول بارسال ذلك التصوير على الجهة الرقابية ولتكن مثلاً مكافحة الفساد من خلال موقع الكتروني لها مهيأ لهذا الامر ويتم اعطاء المرسل لمقطع الفيديو رقم قيد او تسجيل كتوريد معاملة ، ويكون هنالك فترة زمنية مقننه تُلزم الجهة المستلمة بالتعامل مع الفيديو والبت فيه واعطاء المرسل جواباً عليه ، وفيما لو لم يكون هنالك تجاوب من الجهة التي تم ارسال الفيديو لها ، وانتهاء المدة المحددة لاتخاذ الاجراء فيعطى للمتضرر الحق ان ينشر ذلك المقطع في مواقع التواصل الاجتماعي ” فوراً ” لايصاله الى ولي الامر بحيث يتم محاسبة المسئول المتجاوز وكذلك الجهة التي استلمت الفيديو ولم تبت فيه حتى انتهاء المدة المحددة ، وبالتالي فان المسئول عندما يعلم أن عين المراجع هي عين ولي الامر وفق ضوابط مقننه ، فانه من المؤكد لن يتجاوز بل لن يحاول التجاوز ولن نرى منه ذلك الوجه ” الكظيم ” مطلقاً .

الا يجب ان نستفيد من التقنية في الارتقاء بخدماتنا وما الرقابة ” المقننة النظامية ” إلا أساس ذلك التطور المأمول .

كم اتمنى ان ارى امراً ملكياً يتضمن إقرار تصوير المسئول المتجاوز من قبل المراجع وفق ضوابط مقننه ، فنحن حقاً بحاجة الى تلك العين السحرية التي يتم رؤية التلاعب وزيف أخلاق المسئولين المسيئين الى الشرفاء من خلالها .

أجزم واقسم من انه لو تم ذلك فان هنالك اعوجاجات كثيرة ستستقيم ويعتدل اصحابها ، وسنرى سلاسة التعامل ورُقي الخدمة وسمو الاخلاق وجودة مخرجات العمل .

ثقتي بسلمان الحزم كبيره جداً من انه لن يديم فرحة اولئك المسئولين ” الفاسدين ” طويلاً ، وسوف يوقظهم من سباتهم ويهدم اسوار النظام الذي يحمي تجاوزاتهم لكي يسمح بدخول نور الحق والعدل الى جحورهم المظلمة وتحطيم اصنام تكبرهم وعنجيتهم وفسادهم ، التي اودت باماناتهم وكبدت وطنهم خسائر جمه ، واسهمت في تأخر كبير في مواكبة تطور اداراتهم لمثيلاتها في العالم رغم ما تبذله وتنفقه الدوله رعاها الله .

همسة : سمعت ولكنني لم ارى ولا اعلم كيف الحصول عليها ، أن هنالك ما يسمى بالشرائح المضروبه قد يتم الاستفادة منها في كشف التلاعب والفساد فلا تأمن ايها المسئول من أن احداً لن تكون بحوزته ويستخدمها في تصويرك ونشر ” غسيلك ” .

فصبراً جميلاً وبالله المستعان .

بقلم : أ . حميد بن احمد بن عبيد المالكي

hdath@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى