كتاب واصل

هرج آخر الزمان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين   أما بعد

المستشار : ماجد المالكي
المستشار :
ماجد المالكي

لا شك أننا في آخر الزمان حسب العلامات التي تدل على ذلك كما ذكر ذلك رسولنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ولعل من تلك العلامات ( كثرة الهرج ) وهو علامة ذكرها نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم , فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قتل , ولا المقتول فيم قتل فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: الهرج, القاتل والمقتول في النار ) .

وهذه العلامة جاء ذكرها مع العلامات السابقة , والهرج في أصل اللغة الاختلاط مع الاختلاف , يقال هرج الناس إذا اختلطوا واختلفوا , وهرج القوم في الحديث إذا كثروا وخلطوا فيه , أما في لسان الحبشية فمعنى الهرج هو القتل وذكر ابن منظور للهرج عدة معاني أذكر منها :

( شدة القتل _ الاختلاط مع الاختلاف _ الفتنة في آخر الزمان _ كثرة الكذب _ الريبة _ عدم الإيقان بالأمر )

والناظر لهذه المعاني يجد أنها متقاربة بل استخدام النبي صلى الله عليه وسلم لكلمة الهرج للدلالة على القتل في زمان الفتنة أدق وأنسب من استخدام كلمة القتل , لان كلمة الهرج أعطتنا تصوراً لحال الناس وطبيعة القتل الذي يقعون فيه وملابساته , فهناك تخليط واختلاف بين الناس يترتب عليه فتنة بينهم واختلاف قلوبهم ويظهر أثر اللسان في هذه الفتنة حيث يكثر الكذب والادعاءات المهيجة لإراقة الدماء .

فكل هذه المعاني تتضمنه كلمة هرج لوحدها , فهي ترسم لنا حالة فوضوية يقع فيها الناس تؤول بهم إلى الاستهانة بالدماء والوقوع فيها .

وأقول أن الحديث يدل على ان المراد بالهرج ليس القتال بين أهل الحق والفرق الباغية , بل هو قتال على الدنيا , أو هو حالة فوضى من القتال غير الهادف صراحة , وإن كانت أهدافه الخفية نوع من صراعات المصالح الشخصية التي يديرها علية القوم أما المباشرون للقتل , فلا تتضح أمام أعينهم الصورة لدرجة لا يعلم القاتل لما قتل ولا المقتول لما قتل .

إذن نرى أن سبب كثرة القتل هي الدنيا والتنافس عليها وقلة العلم وكثرة الجهل … لذلك يجب على الناس أن يهتموا بالعلم الشرعي ومعرفة أبواب الشر وسد منافذها وتنشيئة الأجيال على علم الإسلام الواضح والتمسك به أشد التمسك فالنجاة كل النجاة في التمسك بتعاليم الدين الحنيف .. حيث أن الانزلاق مع الفتن وترويجها دون العلم بمخاطرها أمر موجب لظهور الفتن وما يترتب عليها من اختلاط واختلاف ثم اللجوء إلى حلها بالقتال دون أن يكون هناك وازع ديني يدير النفوس ويوجهها إلى الطريق الصحيح . وهذا هو الخطر الماحق للأمة ويولد الأحقاد والضغائن في النفوس مما لا تبرأ به تلك النفوس وتبقى في دوامة الانتقام والثأر وبالتالي يذهب الإسلام وتنغمس الأمة في جاهلية جهلاء .

نسأل الله أن يحفظ علينا ديننا وعقولنا وأن يقبضنا إليه ونحن على دين الإسلام وملة نبينا محمد خير الأنام صلى الله عليه وسلم

والحمدلله رب العالمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى