المتردد يموت مرتين…!! “The Hesitator Dies Twice…!!”
"حين تتأمل في ضوء حكمة الله، تشعر بأن قلبك يغتسل برقة الرحمة الإلهية، وأن كل خطوة لك محسوبة بعناية في دفتر الحياة."

✒️ راضي غربي العنزي – كاتب سعودي
يعيش كثير من الناس حياتهم على البركة، يمرون بين الأيام بلا وعي، كأنهم أوراق طافية على نهر لا يعرف اتجاهه. يسعون وراء المتعة المؤقتة أو يجمعون اللحظات العابرة، ويظنون أن النجاح يأتي بالصدفة أو بالحظ. وللأسف، هذا النهج شائع حتى بين أعظم العقول، فكما قال أفلاطون: “الحياة غير المفحوصة لا تستحق أن تُعاش.”
في المقابل، هناك من يعي أن الحياة قصيرة، وأن الإنسان خُلق ليحمل رسالة أسمى. يعيش لأجل هدف سامٍ نبيل، يزرع الخير أينما حل، ويترك أثرًا طيبًا في العالم، صغيرًا كان أو كبيرًا. هؤلاء لا يضيعون أعمارهم في القلق على ما ليس في قدرتهم، بل يركزون على ما يستطيعون فعله بحكمة ورحمة، مستمدين قوتهم من الله وحده. قال تعالى: {وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}، فكل نجاح حقيقي هو نور يضيء طريقك، مستندًا إلى ثقة كاملة في الله وحكمته وحفظه لعباده.
في التاريخ نرى أمثلة متكررة على ذلك، مثل سقراط الذي لم يخشَ الموت من أجل الحق، أو ابن رشد الذي صمد أمام موجات الجهل ليترك إرثًا من العقل والمنطق. وحتى اليوم، نحن بحاجة لمن يعيش بهذه الروح، لا لمن يمرّ في الحياة كظل ضعيف لا يعرف قيمته. فالفيلسوف الفرنسي فولتير قال: “ليس الفشل هو الخطر، بل العيش بلا هدف هو الخطر الحقيقي.”
في مجتمعنا اليوم، قصة حديثة تلهم: شاب في مقتبل العمر قرر أن يترك وظيفة مريحة ولكنه بلا معنى، وبدأ مشروعًا اجتماعيًا صغيرًا لتعليم الأطفال المهارات الحياتية. لم يكن هدفه المال، بل نشر المعرفة والخير. بعد عام واحد فقط، صار مشروعه يُحدث فرقًا ملموسًا في حياة أكثر من مئة طفل وساعد أسرهم على بناء مستقبل أفضل. هذا الشاب أدرك أن العيش لأجل هدف سامٍ يملأ الحياة معنى، ويجعل كل لحظة تتلألأ بالرضا والسعادة الداخلية، بعيدًا عن الفراغ النفسي الذي يبتلى به كثيرون.
الحياة الواقعية مليئة بالتناقضات التي تكشف الإنسان عن حقيقته. من يعيش على هامشها قد يكتفي بالتسلية أو القلق، بينما من يختار الهدف السامي يزرع أسسًا صلبة، كما قال أفلاطون: “اعرف نفسك، فإن معرفة الذات هي بداية كل حكمة.” وهنا تتضح قيمة التفاؤل المؤمن، الذي يستمد قوته من تقديس الله ووحدانيته، وينظر إلى الحياة بعين محبة ورحمة.
السخرية الرقيقة من الواقع تمنحنا القدرة على التوازن. فمن يضحك على ما يزعجه يدرك أنه ليس مُلزمًا بخوف أو قلق. وفي هذا السياق، يقول الفيلسوف ألبير كامو: “إن القدرة على الضحك هي ترويض الروح البشرية أمام العبث.” لكن الضحك الحقيقي هنا ليس مجرد تسلية، بل فهم لطبيعة الحياة وإدراك أن كل شيء في الكون محسوب ومقدر بعناية من خالق حكيم، يجمع بين الرحمة والحكمة في كل حدث صغيرًا كان أم كبيرًا.
إذا أردت أن تعيش حياة ذات معنى، فلا تكتفِ بالعبور على هامش الحياة. ضع لنفسك هدفًا ساميًا، صغيرًا كان أو عظيمًا، واجعله منارة تُضيء دروب الآخرين ومرشدًا لأفعالك. تمامًا كما علمنا الحكماء والفلاسفة، أن الإنسان بلا هدف كالشجرة بلا جذور، تتأرجح مع الرياح، بينما من له جذور عميقة ينمو كشجرة قوية تتحدى العواصف وتعلو فوق الغابة بأكملها.
وفي النهاية، تذكّر دائمًا أن كل ما تبذله من خير لا يضيع، وكل خطوة محسوبة لله تُثمر بركة وسكينة في قلبك، حتى لو لم تراها على الفور. قال النبي ﷺ: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء”. فكل فعل صغير، كل كلمة لطيفة، كل هدف نبيل، هو انعكاس لحكمة الله ورأفته التي لا تحدها حدود.
الحياة ليست مجرد مرور بلا معنى، وليست مجرد انتظار للحظ. الحياة فرصة لنثبت لأنفسنا وللعالم أننا خُلقنا لأجل شيء أكبر من مجرد الوجود، شيء سامٍ يضيء حياتنا وحياة الآخرين.
● أبتسم الآن …فأنا أكتب لاجلك ولأضيء قلوبًا !
*الهيئة العامة لتنظيم الاعلام الداخلي 497438
■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■
Radi1444@hotmail.com



