كتاب واصل

الإدارة بالولاءات .. والإدارة بالكفاءات

كتبه د. مرزوق الفهمي

من أقوال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وأيده بتأييده والتي تعتبر أبرز منطلقات ممارسات الإدارة المحلية:

“لقد وضعت نصب عيني مواصلة العمل على الأسس الثابتة التي قامت عليها هذه البلاد المباركة منذ توحيدها تمسّكاً بالشريعة الإسلامية الغراء، وحفاظاً على وحدة البلاد وتثبيت أمنها واستقرارها، وعملاً على مواصلة البناء وإكمال ما أسسه من سبقونا من ملوك هذه البلاد – رحمهم الله -، وذلك بالسعي المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة، والعدالة لجميع المواطنين، وإتاحة المجال لهم لتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة في إطار نظم الدولة وإجراءاتها”.

وقد عمل ولي العهد حفظه الله على إرساء مباديء العدالة والشفافية والنزاهة وتمكين الكفاءات الوطنية من شباب وشابات الوطن للمساهمة في خدمة الوطن ورد الجميل لهذا الوطن المعطاء الذي قدم لأبنائه الكثير والكثير، ويمثل قائد رؤية المملكة الطموحة سمو ولي العهد حفظه الله نبراساً وملهماً لكل القياديين والإداريين في ممارسة العمل القيادي والإداري وتمكين القيادات الشابة التي لديها الحماس والرغبة في التجديد والتطوير والقدرة على التعامل مع متغيرات العصر الحديثة لخدمة وطننا الغالي.

ومن ابجديات علم الإدارة أن أهم سلوكيات ممارسة العمل الإداري الموضوعية والمنطقية والبعد عن الشخصنة والأهواء ولذلك نجد أن التنظيم والهياكل التنظيمية والتخطيط والرقابة والتقويم هي الوظائف الأساسية للإدارة والمعلومات والبيانات هي مقومات القرار الرشيد كل هذا من أجل أن تكون الإدارة بعيدة عن الشخصنة والأهواء والإنطباعات الخاصة للمديرين.

فالإداري المتخصص لا يتخذ قراراته بناء على قناعاته الشخصية وانطباعاته الأولية عن المواقف والأشخاص والأفكار والمشاريع وإنما يلتزم بالمنهجية العلمية لاتخاذ القرارات وحوكمة الأفكار والمشاريع،فالأهواء الشخصية والمشاعر الخاصة من حٌب وبٌغض وارتياح وعدم ارتياح لا مكان لها في ممارسة العمل الإداري الرشيد،

ومع هذا لا تزال ممارسات بعض الإداريين لاتتناسب مع منطلقات قيادة الوطن ورؤية الوطن الطموحة وأسس ومباديء الإدارة العلمية من تمكين الكفاءات وتحقيق العدالة والنزاهة والشفافية والمحاسبية وحوكمة العمل الاداري والمؤسساتي ،ويبدو أنهم لا يعترفون بكل ماجاءت به أدبيات ونظريات علم الإدارة وما أثبته الباحثون والمختصون في مجال الإدارة بالتأكيد على أهمية الكفاءةالمهنية ومباديء الحوكمة الإدارية من العدالة والنزاهة والشفافية والتخصص والتنظيم والمساءلة والمحاسبية والتحفيز،وغيرها من المباديء الرصينة في مجال الإدارة ويرون أن لا مكان لها إلا في بطون الكتب وأدمغة الباحثين والمختصين..ويرون النجاح في ممارسة العمل الإداري يكمن في تطبيق مبدأ (الإدارة بالأصحاب والصويحبات..) بحيث يعمل هذا الإداري المجيد على تمكين أصحابه وإحاطة نفسه بشلة الأصحاب… فيطبلون له ويطبل لهم ويزيّنون له سوء عمله ويزيّن لهم سوء عملهم… ولا تسأل عن الانتاجية والمحاسبية(فليس بين الأصحاب عتاب…).

وإن أراد هذا الإداري المجيد أن يحفز أو يُسائل أحد الصُحَاب( بلهجة اخواننا المصريين) ماعليه إلا أن يقول (دحنا صُحاب)..وهذه كافية لتصحيح الوضع الى وضع آخر أكثر سوءً..

فكما هو معروف أن زيادة الألفة تفقد المحاسبية وتضعف الإنتاجية، إلا أن الإدارة بالاصحاب والصويحبات لا تؤمن بهذا المبدأ وغيره من مباديء علم الإدارة وحوكمة العمل الإداري.. وهذا يخلق مؤسسات ذات طيف واحد ويقتل الإبداع والتنوع في الأفكار والممارسات، ويوجد تنظيم مؤسسي أشبه بنظام الزعامات(حيث يلتف الأتباع حول زعيمهم الذي لا ينطق ولا يقرر إلا حقاً وصواباً)..

وغاب عن هؤلاء أن جوهر علم الإدارة هو الانتقال بإدارة المؤسسات من الأهواء الشخصية والإنطباعية والقناعات الخاصة والفردية في الحكم على الأفكار والمواقف والأفراد الى الحوكمة الإدارية المؤسسية ومن الولاء للأفراد والأشخاص والشللية إلى الولاء للأهداف والرسالة المؤسسية ومن الإدارة بالأصحاب والولاءات إلى الإدارة بالكفاءات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى