سوق رغدان عبق الماضي بنبض الحاضر
بقلم / نايف الخمري
في لحظات مُفعمة بالسحر والجمال انطلقت خلال الأيام الماضية فعاليات سوق رغدان التاريخي في قرية رغدان وهو من أعرق الأسواق الشعبية في منطقة الباحة، هذه القرية التي تزهو فخراً بغابتها الجميلة غابة رغدان .. ورغدان باتت وجهة مٌفضلة للزوار المحليين وجذب السُياح الأجانب والزوار من داخل المملكة وخارجها للاستمتاع بالأجواء الجميلة والطبيعة الساحرة المحاطة بالمناظر الجبلية الخلابة حيث يعيش الزوار مٌتعة استكشاف الطبيعة الساحرة، وذلك من خلال غابتها الشهيرة (غابة رغدان) التي تتميز بموقعها السياحي الفريد والمثالي ذو الإطلالة البانورامية على جبال ومنحدرات تهامة لينعم زوارها بأفضل تجربة سياحية تمنحهم الاستجمام وأيضًا تتيح لهم فرصة الاستكشاف والمغامرة مع العديد من الألعاب التي تُتيح لهم فرصة التواصل المباشر مع طبيعتها الساحرة. هذا السوق الذي شهدنا شُموخه ونحن صبية صغاراً في يفاعنا واخضرار أعوادنا. حيث استقبل السوق في نسخته الأولى الزوار بمجموعة واسعة من الفعاليات التي تستهدف مختلف شرائح المجتمع العُمرية. وهنا في سوق رغدان التاريخي حيث الأصالة والجمال يلتقي عبق الماضي بنبض الحاضر حيث لا يتوقف التاريخ عن الحضور، هنا إرث حضاري وموروث شعبي كبير غني بتفاصيله العريقة وألوانه الجميلة تنبعث منها تفاصيل ذلك الماضي حيث جمال الموروث الشعبي بأشكاله المُختلفة يأخذ زوار السوق إلى إحياء تراث الأباء والأجداد الذي بات مًهدداً بالانقراض في مُحاولة تناقله لكي نحافظ عليه من الاندثار ونقوم بتجديده بحيث يكون مُلائماً لكل عصر نمر فيه ـ سيما ـ وأن الدولة تبذل جهوداً كبيرة في سبيل حماية التراث الثقافي والحفاظ على التراث الوطني من خلال العديد من المبادرات التي تدعم حماية عناصر التراث الثقافي، حيث أطلقت في عام (2014) برنامجاً للتراث الحضاري بميزانية تصل إلى ثلاثة مليارات ريال سعودي حيث شمل البرنامج إنشاء 18 متحفاً وتهيئة أكثر من 80 موقعاً . وقد نجحت المملكة العربية السعودية في تسجيل العديد من المواقع التراثية ضمن التراث العالمي لليونسكو، وهذه الفعاليات والعروض التراثية الحية والاحتفالات التراثية والفولكلورية للأهالي التي تشتهر بها كثير من القرى التراثية في منطقة الباحة ليست مًجرد عرض للتراث بل هي دعوة للتأمل وفرصة للأجيال الجديدة للتعرف على هويتنا وتعميق ارتباط الأجيال الحالية والناشئة بتراث الأباء والأجداد العريق. مما يساعد في تعزيز القيم الإيجابية الجميلة وتعليم الأجيال لكي نغرسه في نفوسهم،
هذه الفعاليات في سوق رغدان تحولت من مُجرد مكان فقط إلى تجربة ترفيهية وثقافية فريدة.. وعلى الرغم من تشابه الأسواق الشعبية القديمة في منطقة الباحة، إلا أن لسوق رغدان التاريخي نكهة خاصة تختلف عن بقية الأسواق الشعبية الأخرى في المنطقة نظراً لارتباطه الوجداني الكبير بأبناء وأهالي قرية رغدان، مما يستوجب علينا جميعاً المحافظة نمطه القديم ومنع اندثار ملامحه القديمة، لأنه يشكل مرحلة هامة لذاكرة القرية القديمة ومرجعاً تاريخياً لكثير من الأحداث التي شهدها.. هذا السوق التقليدي في قرية رغدان يُعَد من أبرز وأشهر المعالم الاقتصادية والاجتماعية في منطقة الباحة وكان يضُج بالحياة ويُمثل مركزاً رئيسياً في الماضي للتجارة في بلاد غامد وزهران حيث يقصده الناس آتين من أماكن بعيدة، ويعتبر وجهة سياحية تُحيطك بتفاصيل مُستلهمة من موروث ثقافي أصيل.
أخر المشوار:
قد نعجز أحياناً في التّعبير عن تقديم الشّكر والامتنان لأناس قدموا الكثير لأجل مجتمعاتهم ولا زالوا يقدمون الكثير ، شكراً لأسرة آل طاوي الكرام والشكر لرئيس مجلس إدارة جمعية رغدان للتنمية والخدمات الاجتماعية الشيخ سعيد آل طاوي على ما قدمه من جهود لخدمة مُجتمعه والشكر أيضاً للشيخ مشرف آل طاوي على دعمه السخي لفعاليات إعادة السوق، شكراً للشيخ هاشم بن عبد الرحمن شيخ قبيلة بني خثيم الذي يحرص على كل ما يخدم المجتمع ويتابع كل التفاصيل ويذلل كل الصعاب، والشكر أيضاً لأهالي وأبناء رغدان المُخلصين الذين بادروا في العمل لتأهيل هذا السوق في المستقبل في والعمل في نسخته الأولى وأتمنى أن يستعيد هذا السوق ألقه التاريخي والتنموي ووهجه الحضاري المشرق في القريب العاجل ونحافظ على أهميته بالنسبة لنا بحيث يكون وجهة سياحية مًستدامة في منطقة الباحة يمتد بجذوره وتاريخه وإرثه لتعزيز الاستدامة للتراث والموروث الشعبي وحمايته من الاندثار والذي يعد جزءاً لا يتجزأ من هوية قرية رغدان .
نايف الخمري / كاتب صحفي