كتاب واصل

حافلات النقل الصغيرة و تداعيات السرعة الخطيرة

منصور ماجد الذيابي

ذكرت سابقا في مقال منشور عام 2017 بعنوان “حافلات النقل المدرسي.. المخاطر والحلول” بأن ركاب حافلات النقل المدرسي لطلاب مراحل التعليم العام قد يتعرض البعض منهم لمخاطر كبيرة نتيجة للتزاحم الشديد داخل الحافلات الصغيرة ونتيجة لعدم اتباع سائقي تلك الحافلات الأنظمة العامة واجراءات السلامة في الحافلات أثناء القيادة على الطرق داخل الأحياء السكنية بمدينة الرياض حيث كانت ولا زالت تتجمع أعداد كثيرة من تلك الحافلات أمام المدارس لنقل الطلاب بعد خروجهم من المدرسة مقابل أجور شهرية متفق عليها مع أولياء الأمور ممن لا تسمح لهم ظروفهم توصيل ابنائهم الى المدارس.

واليوم يتكرر المشهد ذاته يوميا أمام كثير من البنايات التجارية في الأحياء السكنية ولكن ليس من أجل نقل الطلاب والطالبات كما أوضحت سابقا وإنما لنقل العاملات أو الخادمات في المنازل مقابل أجور يومية أو وفقا للتأجير بالساعة لمن لا يمكنه تقديم طلب استقدام عاملة منزلية براتب شهري متفق عليه مع الكفيل السعودي، إذ أن اصحاب بعض الشركات ممن لديهم أعداد كبيرة من العاملات يجدون في هذه المهنة تجارة رابحة و رائجة لجني أموال طائلة على حساب طمأنينة وسكينة سكان الحي الذي تتواجد فيه أعداد هائلة من العاملات اللاتي يتم نقلهن بحافلات صغيرة تتوقف بشكل متكرر أمام البنايات التجارية حيث يتكرر مشهد الحاويات الممتلئة بالنفايات و حيث لا تتوفر غالبا مواقف مخصصة لاستيعاب أعداد بعض الحافلات المستأجرة من قبل شركات تشغيل العاملات لتغطية النقص في الحافلات المملوكة لهذه الشركات.

نعلم أن كثير من هذه الحافلات التي يقودها أجانب بعضهم غير مؤهل للقيادة تسير في الطرقات داخل الأحياء السكنية بسرعة عالية جدا دونما أي اعتبار لوجود مراكز ضيافة أطفال أو مدارس ومساجد ودونما حتى اعتبار لعابري الطريق من الأطفال والنساء وكبار السن و ذوي الإحتياجات الخاصة، ذلك أنهم فقط مطالبون بالوصول للمقر السكني للعاملات أو نقل و توزيع مجموعات من العاملات بنظام الساعة بأسرع وقت ممكن مما يجعل البعض منهم يرتكب مخالفات مرورية و يعرض حياة الآخرين لخطر السرعة المتهورة داخل الأحياء السكنية كما هو الحال بالنسبة لمخاطر سائقي دراجات توصيل الطلبات للمنازل من حيث القيادة بسرعة عالية جدا تؤدي في أحيان كثيرة الى وقوع حوادث ينتج عنها وفيات و اصابات بليغة.

وحينما تصل هذه الحافلات الصغيرة لمقر سكن عاملات الشركة ، فإنها تتوقف في المسار الأيمن من الطريق لعدم استيعاب مواقف البنايات التجارية لأعداد الحافلات التي تصل جميعها تقريبا في توقيت محدد و تتوقف على جانبي الطريق لتحميل أو تنزيل اعداد كبيرة من العاملات بالساعة أو حتى لغسيل الحافلات و اهدار كميات هائلة من المياه في شوارع الحي السكني مما ينتج عن ذلك من تشويه للمشهد الحضري ناهيك عن ارباك حركة المرور وعابري الطريق من امام هذه البنايات التجارية المستأجرة من قبل شركات تشغيل العاملات.

ومن وجهة نظري ولأجل تفادي المخاطر المحتملة فينبغي على الجهة الحكومية المعنية إلزام هذه الشركات أو المؤسسات بتوفير حافلات كبيرة لنقل العمال أو العاملات و التوجه بعد ذلك الى نقاط تجمع محددة سلفا لحافلات صغيرة خارج حدود الحي السكني ومن ثم تفريغ حمولة الحافلة الكبيرة في حافلات أخرى صغيرة ليمكن حينئذ القضاء على ظاهرة تجمع الحافلات الصغيرة داخل الأحياء السكنية مما سوف يسهم في تخفيف الازدحام المروري داخل الحي السكني و أيضا حماية سكان الحي من خطورة القيادة المتهورة لاسيما عند مرور تلك الحافلات من أمام المحلات التجارية والمدارس والمساجد و مراكز رياض الأطفال.

في تقديري أنه ينبغي علينا جميعا أن نحرص على كل العناصر الجمالية لمدينة الرياض ونحافظ على خلو المشهد العام للمدينة من أي تشوهات أو عوامل أخرى مؤثرة في جمال و هدوء مدينة الرياض.

إن كان في البلدان من فاتنة جذابة

فهي الرياض التي لجمالها نهواها

سافرت بحثا عن مدائن ساحرات

فلم أجد مثل الرياض بلطف هواها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى