كتاب واصل

الصعود إلى الهاوية !

* الطبقة الوسطى هي الطبقة التي تقع بين الطبقة العليا والطبقة الدنيا, وهي تقع في أوسط الهرم الاجتماعي وبحسب عالم الاجتماع الألماني ماكس فيير فإن الطبقة المتوسطة هي التي تأتي اقتصادياً واجتماعياً بين الطبقة العاملة (عامل السباكة كمثال) والطبقة العليا (بترجي وصالح كامل كمثال).

الدكتور " محمد الدوسي "
الدكتور ” محمد الدوسي “

* الطبقة المتوسطة تظم الموظفين ورجال التعليم والأطباء والعاملين في القطاع الحكومي في الغالب, ووجود هذه الطبقة يمثل صمام أمان ودرع واقي وحماية لأي مجتمع ومؤشر لتوازنه وهو بمثابة المحرك لعجلة الإقتصاد.

* هل فعلاً بدأت الطبقة المتوسطة لدينا بالتآكل؟  للأسف هذا ما يظهر فالمجتمع لم يعد يثق بخطط وزارة الاقتصاد والتخطيط, لم يعد يريد مؤتمر لوزير وخلفه جيش عرمرم من الصحفيين لينظّر حول خططه وما ينوي القيام به, صبر المواطن البسيط عليه الى ان ملّه الصبر, والمحصلة لا شيء يذكر, بطالة , جشع تجار, ارتفاع كلفة المعيشة الى أن وصل الأمر الى انحسار الطبقة الوسطى والتي بدورها بدأ ينقسم المجتمع معها الى صنفين لا ثالث لهما غني وفقير والوزير لا زال يتصدر المشهد وبكل صفاقة يواصل التنظير!

* إن انحسار الطبقة الوسطى يعني زيادة الغني غنىً وقد يصل الى الشماتة كما لوحظ مؤخراً, وزير يتهم الناس في فكرهم وتاجر يأفك المجتمع بالدلع وعضو مجلس شورى يطالب بزيادة سعر الوقود وكذلك يعني زيادة الفقير فقراً كما نراه من الاصطفاف على بوابات المستشفيات الحكومية وطلبات الاخلاء والتداعيات التويترية لأسر محتاجة. وكل هذا نذير شؤم وبمثابة الصعود ولكن ليس إلى الأعلى وإنما إلى الهاوية, حينما يتصدر السعوديون قائمة أثرياء الشرق الأوسط بحسب قائمة ويلث إكس بثروة بلغت 227 مليار دولار لــ 225 سعودياً – ومتوقع أن يكون العدد تضاعف – لا شك أن زكاة أموال هذه الطبقة المخملية كفيلة بقيام اقتصاد دولة فضلاً عن منحها لمستحقيها, ولكن بعضهم تسلق الجدار القصير صحيفة , أو لقاء تلفزيوني , يتصدر فيه منبر الواعظ المُحب لوطنه والقلب الرؤوم والحريص كل الحرص على مصلحة وطنه ومن فرط ماله يشتري قصيدة, ويدعي الفروسية, والرسم, يرأس مجموعة خيرية بالاسم, يجمع الطوابع, هداف العالم … ضليع بكل شيء, الاعلام يصنع له شيء من لا شيء, بينما هو خاوي, نعم في رصيده كل شيء إلا ما يشفع له بقبول كلامه لمن فطن حجم عبثه.

* متى ما دخلت الطبقة المتوسطة تحت خط الفقر أو كانت مهددة بذلك, أو أن تصل الى مستوى دخل لا يفي بحاجات المواطن الأساسية من مأكل ومشرب وسكن .. فهنا يجب أن نتوقف والحديث لذوي الضمائر الحية لأن في ذلك مؤشر مخيف فهذه الطبقة هي من تحافظ على التوازن الاجتماعي والاقتصادي لأي بلد, فهي تنتج وتستهلك, وكذلك لا يليق بدولة غنية تمتلك أكبر احتياط نفط في العالم (معلومة أذكرها من المرحلة الابتدائية) وضمن دول العشرين أن تتهاوى فيها هذه الطبقة. أين وعود المسؤولين بالخطط المستدامة ؟ إذا ما أردت أن تناقش مثل هذه القضايا فتحسس خبر من يرزح تحت سقف الطبقة الوسطى ولا تقترب من الطبقة البرجوازية بتاتاً فإن كان من ابجديات المرشد أن يرى العالم من وجهة نظر المسترشد فالشيء ذاته ينطبق عليهم فهم يرون العالم من منظارهم ومن اعلى نقطة من قصرهم المنيف.

* استنزاف الطبقة المتوسطة من خلال البنوك, وارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة يتطلب تدخل المسؤول – وأقصد الحريص على أمن هذا البلد- أي نعم نؤمن بأن الله فضّل بعضنا على بعض في الرزق وجعلنا درجات ولكن مشكلة بعضهم فاهم الموضوع غلط ! قرأت تقارير وتحقيقات صحفية بان الطبقة الوسطى وصلت إلى 30 % بعد ان كانت بحدود 70% وأزمة سوق الأسهم عام 2006 وأزمة السوق العالمية عام 2008 كان لها بالغ الأثر ولكن لم نرَ شيء من الوعود ولا حتى مشاريع بديلة.

* مؤشر انحسار هذه الطبقة قد يؤدي الى انعدامها, وطريقة عمل البنوك وكأنها تريد تصنيف المجتمع بين دائن ومديون فاقم المشكلة, وكذلك المحسوبيات وعدم تكافؤ الفرص, البطالة والفساد المالي والاداري, فبدلاَ من أن يتصارع المسؤولون على كراسي في الوزارات والهيئات حري بهم أن يعالجوا قضايا تهم المواطن فالكرسي يدور والأيام دول والوطن جدير بالبقاء.

* القطاع الخاص لم يطوّر رواتب موظفيه, وفضّل الاهتمام بالعمالة الوافدة, سعودي دون الخمسة آلاف, ولبناني فوق العشرة وبدل سكن وجيب بليزر -فوق البيعة- ثم يتشدق التاجر بالوطنية فين صارت هذي! الله ما يرضاها. مع مثل هذه الأمثلة كيف سيساهم القطاع الخاص في حماية الطبقة المتوسطة بل سيكون عوناً مع الشيطان عليهم ويوسع من حجم الهوّة بين الطبقتين العليا والدنيا ما يفاقم من حجم المشكلة.

كتبه الدكتور محمد الدوسي

للتواصل @mohdaldosi

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى