كتاب واصل

وسط المدينة ــ الـ “داون تاون” هدية ولي العهد لأبناء المملكة

سأبدأ حديثي بإعجابي بل فرحي بالمشروع التحديثي لأكثر من 12 مدينة في مختلف أرجاء المملكة، أي مشروع وسط المدينة والمشهور باسم الـ “داون تاون” والذي أعلنه سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء حفظه الله.  نعم أنا وكل أبناء المملكة معجبون بهذا المشروع الذي سينقل وسط المدنية في 12 مدينة سعودية من حالها القديم إلى حالة المدينة المتطورة وباستمرار ـ أي إلى حياة عصرية أفضل تخطيطا وتنظيما في ظل رؤية المملكة 2030 أي عصر التطويرات الكبرى التي أطلقها سموه، وكلف فيها صندوق الاستثمارات العامة بتنفيذها لتطوير البنية التحتية في المدن الـ 12.

وحيث أنني من أبناء منطقة الباحة وبالتحديد من مدينة الباحة، كان لا بد لي من أن أتفاعل حبا وتقديرا مع ما أُعلن عنه بالنسبة للباحة منطقة ومدينة، وخاصة مشروع الـ داون تاون الذي حتما سينقل مدينة الباحة من حالة القريةالبسيطة ــ إلى المدينة العصرية بكل ما تعنية الكلمة، أي تطويرها لتكون فعلا مدينة وفق طابع حديث مستمد من روح المنطقة كمصيف ووجهة سياحية وكذلك من نسيجها العمراني المحلي التقليدي ولكن وفق أحدث المعايير التطويرية العمرانية المعتمدة، لجعل الباحة مدينة جاذبيتها في تميزها بعمرانها المحلي وثرائها الزراعي والسياحي، فالسياحة في المنطقة بصفة عامة متنوعة، فهناك(السياحة الجبلية بمدينة الباحة والأطاوله وبلجرشي) و(السياحة الصحراوية شرق المنطقة في بادية غامد وخاصة في العقيق وما حولها)، وسياحة (المنحدرات الجبلية وتهامةفي قلوة وقرية ذي عين والمخواة وصولا للساحل  في المظيلف).

أعود للحديث عن مدينة الباحة، فأقول إن مشروع الــ داون تاون أفرح الجميع وعلى راسهم أمير المنطقة صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور حسام بن سعود بن عبدالعزيز، الذي أعرب نيابة عنه وعن أهالي المنطقة عن خالص الشكر والتقدير والامتنان لخادم الحرمين الشريفينالملك سلمان بن عبدالعزيز ولسمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله ــ على إطلاق شركة الـ داون تاون التي تعكس الطموح الكبير لسمو ولي العهد واهتمامهبجميع المناطق انسجاما مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وحيث أن الـ داون تاون يعني وسط المدينة فإن مدينة الباحة بحدودها المعتمدة من رهوة البر شمالا حتى المفارجة جنوبا تحتاج حقا إلى إعادة التفكير في واقعها وتضاريسها وأن يتم التركيز عليها من قِبل الشركة المكلفة بتطوير داون تاون الباحة، وخاصة وسط المدينة  الذي لم يتغير كثيرا منذ أن عرفته وأنا صغير أشارك كطالب في المهرجان السنوي لمدارس المنطقة الذي كان ينظم في ملعب بجوار بيت بن سحاب، وهنا أقصد المساحة الواقعة ما بين سوق الذهب ومحل فول خليفة وبيت بن سحاب وما حوله حيث أنهلم يتم تطويرها ولم يتم فتح شوارع فقط طرق قديمة لا تمر منها سوى السيارة الصغيرة وبصعوبة.

طبعا هنا أأكد أنه لابد لنا أن نثني على مجهودات أمارة المنطقة بقادة صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور حسام بن سعود بن عبدالعزيز، وكذلك مجهودات أمانة منطقة الباحة ووزارة المواصلات الذين حققوا جميعا على مستوى المنطقة ومحافظاتها ما نفخر به وفي سنوات قليلة، لكنناونحن نرى المشاريع الكبرى التي أطلقتها القيادة الرشيدة وما تتضمنه رؤية المملكة 2030 التي أطلقها سمو ولي العهدوخاصة مشاريع “الداون تاون” التي تقودها شركة الاستثمارات العامة، فإننا نتمنى أن يكون لهذا المشروع الكبير “الـ داون تاون الباحة، الدور الكبير في معالجة وإنجاز ما لم يتم التمكن من إنجازه حتى الآن من مشاريع أو إنجاز ما طرح من مشاريع كانت تنتظر الاعتماد المالي للبدء فيها.

وهناك على سبيل المثال ما كشف عنه أمين المنطقة في يونيو الماضي من تطوير للمنطقة المركزية للباحة والذي أعتمده سمو أمير المنطقة (داون تاون الباحة) وخاصة علاج مشكلة الأراضي المهملة فضاءات قلب المدينةأي المساحات التي لم يتم الاستفادة منها وتطويرها وكذلك الممرات، والذي نتمناه أن يكون تطويرا ينقل وسط والمدينة نقلة كبرى، وأن يساهم هذا المشروع التطويري الكبير في إكمال الطرق والجسور التي توقفت وفي شق طرق تخترق الأراضي التي بين مدينة الباحة وحي الظفير أو قرية الظفيرحيث أن أراضي وسط المدينة هي معزولة وغزتها أشجار الطلح وغيرها لعدم توفر الطرق المؤدية إليها ليتم الاستفادة منها سواء من قِبل أهاليها أو من قِبل الجهات التطويرية المعنية. أيضا دوار النخلة لم يكتمل حيث لم ينفذ الشارع الذي يتجه جنوبا من تحت حي أو قرية الحلة ليتصل بطريق البريدة ومن ثم بقرية محضره وبقرية الملدفيتم اختصار الطريق لأهالي الحلة وكذلك لأهالي قريتي محضرة والملد وأيضا الاستفادة من تلك الأراضي المهملة إما أن يبنيها أصحابها أو تُنزع وتباع أو تُطرح منح. إن اكتمال شوارع دوار النخلة بفتح الشارع الجنوبي سيتيحلأهل تلك الأراضي المتروكة أو غيرهم أن يبنون عليها بيوتا وفقا معايير تُقرها البلدية أو تُقام عليها مزارع حديثة تُعطي منظرا جماليا لمدينة الباحة.

قد يبدو للبعض أن منطقة الباحة صغيرة المساحة أو قليلةالسكان مقارنة بمناطق أو مدن المملكة الكبرى، لكن الباحة كبيرة في تنوع تضاريسها وبيئتها وأجوائها الممتدة ما بين الحدود الإدارية لمنطقة مكة المكرمة شمالا والحدود الإدارية لمنطقة عسير جنوبا، حيث تتمتع الباحة بثلاث بيئات جاذبة، وهي: بيئة جبلية لها طابعها السياحي الخاصبغاباتها ومرتفعاتها؛ وبيئة صحراوية جميلة لها طابع المميزبالكرم وبشموخ نخيلها؛ وبيئة تهاميه أكثر تميزا بامتدادهاحتى البحر أي حتى المظيلف حيث السياحة البحرية وما لذ من أطباق السمك. بهذا التنوع والتميز تكون منطقة الباحة واجهة سياحية فريدة من نوعها وأكثر جذبا ومقصدا،يضاف إلى ذلك أنها بوابة قاصدي المناطق الجنوبية (عسير وجازان ونجران)، مما يدفع ويحفز القائمين على تطوير الباحة مدينة ومنطقة إلى بذل المزيد من الجهود في هذا الشأن لجعلها مدينة متطورة.

وهنا لا يفوتني أن أذكر أنني سبق وأن قمت قبل ما يقارب الـ 30 عاما بعمل فقرة تلفزيونية عن منطقة الباحة، فحدثني رئيس البلدية آنذاك محمد بن عطية عن شركة سويدية أتت للباحة لتجعل منها مدينة ريفية تضاهي أجل المدن الريفية الأوروبية لكن هذه الشركة اختفت أو تخلت عماكُلفت به فبقي حال الباحة في وضع التطور البطيء.

لذا كلنا ثقة في أنه إذا قام أبناء الباحة مواطنين ومسؤولينبتسهيل أي صعب امام شركة الاستثمارات العامة وتمكينها من تحقيق التطوير المنشود لمدينة الباحة ووفق رؤية سمو ولي العهد الموقر فإن كثير من أبناء المنطقة الذين ذهبوا للبحث عن فرص عمل وتعليم عالٍ واستشفاء خارج المنطقةسيعودون إليها، لأنه عند تحقيق مشروع الـ داون تاونستتمتع الباحة بكل صفات المدينة العصرية من جامعات وكليات ومستشفيات ومدن صناعية وعسكرية ومجمعات تجارية متطورة وشركات كبرى تتيح لأبناء المنطقة البقاء فيها والعمل فيها وتُحدث حراكا تنمويا وسياحيا كبيرين وستتضاعف الفعاليات والمهرجانات في المنطقة مماستُسهم وإلى حد بعيد في إيقاف الهجرة من المنطقة بل ستقود إلى هجرة عكسية أي إلى عودة للمنطقة وخاصة عودة رجال الأعمال والمستثمرين الذين تركوا المنطقة قبل سنوات عديدة.

وهنا أختم، بأنه لا يجب استنساخ النماذج المعدة لمدن المملكة الكبرى فيما يخص التخطيط الحضري العمراني بل المطلوب هو الإبقاء على طابع الباحة الريفي ــ أي مدينة ريفية مكتملة التخطيط والخدمات والترفيه ليتمتع بها وبطابعها المحلي أبناء المنطقة والزائر والسائح القادم إليها.

الباحة مكان اهتمام القيادة الرشيدة التي تتبنى مفهوم التنمية الشاملة المستدامة والفاعلية الاقتصادية والاجتماعيةلكل مناطق المملكة، وإن صندوق الاستثمارات العامة سيكون له الدور الكبير في تطوير الباحة وجعلها مدينة ريفية جذابة ذات هوية بصرية وعمرانية متميزة بعون من الله تعالى ثم برعاية وتوجيه من صاحب السمو الملكي ولي العهد ومتابعة مباشرة من صاحب السمو الملكي امير المنطقة.

 

محمد سعيد الغامدي

 اعلامي تلفزيوني ــ مترجم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى