كتاب واصل

“الوكيل الحصري”

فهد
م/ فهد عبدالرحمن بن غازي العبيريد

زرت كوريا الجنوبية و اطلعت على عدة منشآت صناعية هناك. و أحسست صراحة ببعض الاحباط لتأخرنا صناعيا. كان لدى الكوريين استراتيجية شبه متفق عليها على مستوى الاداريين الذين قابلتهم، ألا و هي: الاكتفاء الذاتي من كل شيء قدر الامكان.

ففي نهاية السبعينيات، استعانوا بالامريكان لانشاء اول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء، و بعد قرابة ال 20 عاما، استطاع الكوريون صنع مفاعل خاص بهم. و الان يقومون بتصدير مفاعلهم خارجيا حيث كانت الامارات العربية المتحدة أول من استقطب المفاعل الكوري و حاليا تحت الانشاء. نفس الفكر وجدناه في مصانع التعدين و غيرها.

تفكرت قليلا و اذا بي ارى في مخيلتي بعض اعلانات كبار التجار في بلدي الحبيب. شركة فلان الفلاني و فوقها و تحتها أسماء مجموعة من الماركات العالمية. الوكيل الحصري “بكل فخر”.

وكلاء السيارات: على مر العصور لم يستفيدوا من تعاملهم مع شركات السيارات العالمية لانتاج سيارة سعودية لكن البعض منهم مشكورا أنشأ مصنعا “للتجميع” محليا. أين هم من سيارة (غزال)؟

وكلاء الملابس: الوكيل الحصري بكل فخر، لم يشغل فكره لانتاج ماركة سعودية على الرغم من كثرة مصممي الازياء السعوديين و السعوديات! و بعض مصممينا اشتهروا في الدول المجاورة.

و كلاء الصناعات الاخرى كالمضخات و التوربينات و غيرها: ماذا قدموا لوطنهم؟ غير أخذ عمولة!

لا يستطيع احد ان ينكر توفر الطاقة البشرية المناسبة في المملكة و لكن للاسف تنقصنا طاقة فكرية من قبل المستثمر السعودي. و لا شك ان هناك تقصير كبير من الجهات الحكومية المختصة.

و ايضا تذكرت “فكر” معالي وزير الاسكان الذي نسي ان ينتقد “فكر” تاجر التراب حيث لم يستطع تاجر التراب ان يأتي بفكرة استثمارية للاستفادة من اراضيه البيضاء، ففضل ان يتركها عشرات السنين ليرتفع سعرها. كيف لهؤلاء ان يخدموا وطنهم؟!

كان بإمكان المستثمر الكوري ان يكتفي بالتوريد من الخارج و بدون ان يستثمر المليارات لإنشاء مصانع و توظيف مهندسين و باحثين برواتب كبيرة، لكنه يعتز بوطنه و يريد ان يخدمه و قد ساعدته حكومته على ذلك لتصبح كوريا في قائمة نخبة المصنعين عالميا.

ختاما عزيزي التاجر صاحب الفكر، يا من تُفاخر بوكالاتك “الحصرية” انت للاسف سبب من اسباب تأخرنا الصناعي! هنيئا لك ماركاتك و انجازاتك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى