كتاب واصل

عندما تُغلق الأبواب

بقلم/ ناصر المسلمي

 نحن نؤمن بالموت و أن لكل شخصٍ منّا أجل ..و نؤمن بقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه و سلم :{ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }وأن الموت يأتي فجأةُ … صغيراً أو كبيراً … ذكراً أو أنثى ،فلا مجال للشك أو التكذيب ابداً …
و لكن …عندما يموت كبِار السن … من تجاوز السبعين و عاش الثمانين و بلغ التسعين عاماً …هنا نتكلم عن جامعة من المعرفه و الخبره و الحياه البسيطه في مفهومها الصعبة و العصيبة في واقعها التي عاشوها في بداية حياتهم ….
نتكلم عن آباءنا وأجدادنا _ رحم الله من مات منهم _ و حفظ من لازال على قيد الحياة … آباؤنا الذين عاشوا بداية قيام الدولة السعودية في قمة الجوع و العطش و الخوف و انعدام الرفاهيه و انعدام الوظائف الا العسكرية و صعب جداً الوصول الى المدن الرئيسية التي إن ذهبوا لها فقد يجدون عملاً لا يتجاوز مرتبه المائة ريال …
عاشوا عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله ..( الذي توفي ربيع الأول 1373 هـ/نوفمبر 1953م ) و بعده أبناءه ( الملك خالد – ثم الملك فيصل – ثم الملك سعود – ثم الملك فهد – ثم الملك عبدالله – و الان في عهد الازدهار و التطور عهد الملك سلمان بن عبدالعزير حفظه الله )
شاهدوا و عايشوا النهضه السعوديه الهائلة من الصفر الى القمة … واليوم نراهم يتذكرون خوفهم و جوعهم و عطشهم و تشتتهم و صعوبة تواصلهم و قلة حيلتهم و ضنك العيش الذي مروا به ثم يحمدون الله و يبتسمون بكل هدوء و يبدؤون في سرد قصصهم و ما مر عليهم من مواقف لا يمكن أن تُمحى من ذاكرتهم و تختلط مشاعرهم و تذرف أعينهم ….
إن الآباء و كبار السن عامةً اليوم بين ذكريات ماض ٍيحبونه و يحنون اليه رغم قسوته … لكنه حنين ٌ لمن عاش معهم و فارقهم … وحياة في واقعٍ يرون فيه من الرفاهية و سعة الرزق و أدوات التواصل و سهولة التنقل ..فيشعرون انهم كالغرباء في هذا العالم المتسارع …
لقد علمتهم الحياة و المواقف و الاحداث حتى أصبح الواحد منهم بمثابة الجامعة او الموسوعة العظيمة التي متى ما جلست بين يديه و أستمتعت اليه اخذت الكثير من العلوم و المعارف التي حتماً لن يعلمك إياها هذا الزمن …
عندما يموت أحد كبار السن فإنه بمثابة إغلاق جامعةً و فقدان منبع علمٍ و معرفةً و غلق بابٍ من الخير و الرحمة و السعادة و راحة البال ..
لذا ..
كان واجباً علينا من في أسرته كبير سنٍ أن يرعاه و يجالسه و يستمع اليه و يأخذ منه قدر المستطاع…
واجباً علنا أن نستمتع بكل ثانيه هم يتواجدون معنا فيها قبل أن يرحل أحدنا فيترك الحزن و الاسى للآخر ..
فهم والله أُنس الحياة و سعادة القلب و راحة البال ..
أما من مات منهم و فارق الحياة و ترك في قلوبنا كسراً و جرحاً لا يمكن علاجهما الا بلقاءه .. فلا يُنسى من دعاء و صدقةٍ و بر و صلة من كان يصلهم .. و كل أعمال الخير ..
نسأل الله لهم رحمةً تغشاهم في قبورهم و سكينةً تحفهم و أن يجمعنا بهم في جنات النعيم .. و كل من نُحب …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى