كتاب واصل

” وإذا الموؤدة سُئلت باي ذنبٍ قُتلت ” معنفة أبها بين الحقيقة والخيال

في ليلة اختفى قمرها وغابت نجومها وحضرت شياطينها ؛ وظن الظالم أن لن يراه أحد .

ليلة تعالت فيها الصرخات وسمع العالم في زاوية مظلمة صوت فتاة اختلط بكاءها بصراخها وزاد نحيبها ؛ وفقدت قدرتها على الكلام لما تلقته من ضرب مبرح ، إهتز له كل من في قلبه رحمه ونادوا جميعهم

المستشار عبدالله الحارثي

#انقذوا_معنفة_ابها .

موقفٌ مُريب وجرحٌ عميق يشعر به من لديه بنات أو أخوات ، ويعلم حقيقة الالم كل اب وكل ام ؛ وكل من في قلبه ذرة ايمان .

وبين مكذب ومصدق تتعالى الاصوات من بنات متزوجات وفتيات مقبلات على الزواج ولسان حالهم ” انقذونا من العنف ، وإلى متى ونحن لا مجيب لنا ” .

نعم أحبتي صُدِمَ المجتمع بانتشار مقطع صوتي تم تسجيله من قِبَل فتاة تسكن قريبة من منزل المعنفة.

والذي يحكي واقع معاناة الكثيرات من بنات وفتيات هذا العالم المليء بأنواع من البشر ، غريبي الأطوار ، والذين فقدوا معاني الانسانية . 

نعم قضية تتكرر بعدة أشكال والوان وقوامها رجل جبار عنيد يستدل بقوله تعالى :” الرجال قوامون على النساء ” ويأتي كالسيل الجرار يريد أن يقتلع قلب فتاة اختارته من بين ملايين الرجال ، وأعطته قلبها وروحها.

نسي ذلك الرجل انَّ هناك ربٌ قويٌ جبارٌ منتقم .

تناسى ان تلك الفتاة عاشت بين ابوين كريمين ، وكانت امنيتها ان ترتبط برجلٍ يُرفرف عليها بجناحيه ويحتويها ، وتعيش حياة كريمة.

وما هي إلا أيام قلائل الا وذلك الزوج يعبث بمشاعرها واحاسيسها ، ويحطم كل آمالها وامنياتها.

وفي ذهول من تلك الفتاة المعنفة وهي تقع بين مطرقة الزوج وسندان العادات والتقاليد ؛ يأتي إليها زوجها ليلاً فاقداً لعقله ، وينهال عليها ضرباً ويقطع احشائها ويفقدها طعم الحياة ، وتصبح جسداً بلا روح .

وفي تلك الزاوية المظلمة تصيح وتنادي وتتوسل إليه:-
” خلاص..خلاص..خلاص” حتى يختفي الصوت رويداً رويداً ، ثم يُغمى عليها ، وتسقط مضرجةً بدماءها ولا قلبٍ يرحم .

سقطت تلك الفتاة الجميلة وانطفأت شمعتها ، وهي تحمل في قلبها أمنيات وآمال ؛ وترسم صورة لمستقبلٍ جميل .

كانت تتمنى ذلك الفارس الذي يأخذها إلى بيت الزوجية ليجعلها ملكة ، ولكن للأسف  استعبدها ، واذلها ، واهانها بعد ان كانت عزيزة كريمة .

قام بسحقها زوج لا يخاف الله وذلك  لانها ارغمت عليه ، ولم يكن بمكان المسؤولية ، ولا يعرف معنى الانسانية.

ولعل البعض يتوقع اني اهاجم جنس الرجال ، وحتى لا تختلط المفاهيم ، فانا اتحدث عن البعض ، ولا اقصد الكل .

فهناك رجال اكرموهن ووفقهم الله لبناء بيت سعيد ؛ والواقع يشهد على الكثير في هذا المجتمع الطيب الكريم .

احبتي الآباء والأمهات !!
ياعقلاء المجتمع!!
يا مسؤولي الرعاية الاجتماعية !!
يا هيئة حقوق الإنسان !!

تحملوني قليلا فلقد نفذ صبري ، ورأيت في خبر معنفة أبها ظلم وطغيان وتجاوز ؛ إن صدق المقطع المتداول ، أو كان من نسج الخيال كما تقولون.

لكن اقولها لكم وبكل صراحة ، والله أنكم ستسألون عن حقيقة القصة ومن كتبها ومن رواها ، وأخيراً من اخفى معالمها ؟!  .

والله أنكم لتسالون عن كل معنف أو معنفه يستنجدون بكم ولا يجدون الا قلوبا قاسية ونفوساً جشعة واخفاءٌ لمعالم الجريمة ، وكأنَّ الأمر موتُ قطةٍ في الطريق ، أو سقوطُ فأر ٍمن اعلى قمة جبل  .

نحن لا نعلم عن حقيقة الأمر و لا نخوض في صلب القضية ، ولكن نقول لكم يكفي تجاهلا للنداءات التي تخرج من هنا وهناك والتي تطالب بتطبيق شرع الله الذي كفل لكل فتى وفتاة حق التعبير عن رأيه .

والله ان هذا الدين الإسلامي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم تكفل بحماية وحفظ حقوق الناس في كل مكان حتى الكافر له حق الجوار ، فكيف بانسانة مسكينه خرجت من بيت اهلها ، لتلوذ بجوار رجلٍ جبارٍ عنيد .

قضية معنفة أبها تتكرر في كل مكان وتحتاج من الجميع السعي الحثيث لوضع حلول جذرية ، تضمن حق البقاء والعيش بسلام ، لكل أطياف المجتمع من نساء ورجال وكبار وصغار ، حتى نحقق رضا الله سبحانه وتعالى ، ونعمل على تحقيق العدل والمساواة بلا إفراط ولا تفريط .

فلا ندعو لنزع الولاية على حساب تفكك الأسرة ، ولا ندعو للتسلط والدكتاتورية على حساب النفوس الضعيفة ؛ والتي ليس لها حول ولا قوة الا بالله .

نحتاج لان نتذكر دائما ‏في قضية ‎#معنفه_ابها ، وصايا رسولنا عليه الصلاة والسلام ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، (اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة) ،
فكيف تفعل يا من كان خصمك هو الرسول صلوات ربي وسلامه عليه.

والحديث الذي رواه ابن ماجه بسند حسن عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي المضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا، إِنَّ لَكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ، فَلَا يُوَطِّئْنَّ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلَا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلَا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ، وَطَعَامِهِنَّ»[4].

وقوله صلى الله عليه وسلم: «عوان»: أي أسيرات جمع عانية، وهي الأسيرة شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة في دخولها تحت حكم الرجل بالأسير[5].

والحديث الذي رواه الترمذي، وصححه عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»[6].

وكذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد بسند صحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَكْمَلُ المؤْمِنِينَ إِيمَانًا، أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُهُمْ خِيَارُهُمْ لِنِسَائِهِمْ»[7]. وإن كره الزوج من زوجته خُلقا، فعليه أن يرضى منها غيره.

وفي حسن التعامل مع الزوجة روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً[8]، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»[9].

واخيراً

إلى كل من يشتكي او تشتكي من التعنيف او الظلم واخذ الحقوق ارفعوا اصواتكم وانقلوا معاناتكم ، فانتم باذن الله في بلد الخير والعطاء ، وستأخذون حقوكم باذن الله حتى لو تستر البعض عليه وأخفوه ، فلن يخفى على علام الغيوب الذي ” يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ” .

ولا تنسوا أن تكرروا دائما قوله تعالى ” وافوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد “.
وتذكروا ان الله يملي للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته ، والتاريخ يشهد بنهاية كل ظالمٍ وجبارٍ عنيد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى