كتاب واصل

لاتفسدوا الجليس

بقلم : حسين المالكي

منذ زمن ليس بقريب وفي قرية صغيرة كنت دائم التفكر وكثير القراءة والإطلاع .
 حتى رأيت الكون بأجمعه محصور في قريتي الصغيرة وكتبي تلك فقط.

ولا أرى كتاب الا ويشدني الفضول لأقرأ مافيه.

بدأت بكتب الأدب والتاريخ وكنت أتجول عبر الزمان وأسافر لتلك العصور الغابرة عبر كتبي وكأني أرى الملك الضليل وهو يلهو مع رفاقة ويتجول بين أحياء العرب.

 وكأنني أرى عنترة فارس عبس وهو يرتجز بين الصفوف. ويفرق الجموع .

وكأننى أرى النعمان بن المنذر وهو بين رجاله كالأسد الهصور.

ومن ههنا نشأ الإرتباط الروحي بيني وبين القراءة والكتب.

وكان مشهد يتكرر كل مساء عندما اغفو وأنا أقرأ أصحو فزعا من سقطة الكتاب على وجهي.

واصبحت أكرر ماقرأته حتى اصبح لاشيء يشدني ويثير فضولي , ومن ههنا اتجهت نحو كتب الفلك والفيزياء ونظريات آينشتاين وكتب الفلسفة وعلم النفس والفراسة .

ولهذا السبب اصبحت أبحث عن كل ماهو جديد في هذه العلوم وأذهب للمكتبات بشكل دوري.

ولكني لاحظت أثناء مروري بين الأرفف مؤلفات جديدة وكثيرة جدا لكتاب لم أعرف أسمائهم من قبل ويضعون صورهم كغلاف للكتاب بشكل ملفت للنظر.

البعض منهم يدعي أنه يعالج قضايا معاصرة والبعض الآخر يروي لنا يومياته وكيف يختار ملابسه وآخر يحكي عن مواقفه المحرجة .

هؤلاء( الكتاب الجدد) أجدهم في كل برامج التواصل الإجتماعي .

أما يكفي هؤلاء الكتاب الجدد ما يجنونه عبر حساباتهم حتى يزاحمون عمالقة الكتابة؟

البعض منهم يبدأ شهرته بمواقف ساذجة ويجد من هو أسذج منه ليتابعه ويصنع منه قدوة والأسذج من هذا كله أن هناك من يتبنى هذه السذاجة كلها ويصنع منها نمط يحتذى به.

كيف يسمح لهؤلاء أن يعبثوا بثقافة المجتمع وقتل الهوية الأصيلة؟.

كيف تنشر هذه التفاهات ويغض الطرف عنها حتى يصل الأمر اننا نرى تلك الوجوه بين أرفف المكتبات؟

جميعنا نتحمل مسئولية ماقد يحدث لثقافتنا عندما نروج لكتب فارغة تجعل من جيل القراءة الجديد جيلا يبحث عن المظاهر الخادعة ولا يهتم للمضمون .

سنصنع جيلا باهتا يهتم بتصوير الملابس والأكل ولايهتم بالعقل .
نحن أمة (إقرأ) والقراءة هي غذاء الروح والله سبحانه وتعالى قال ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ) في إشارة الهية لنستخدم هذه القراءة للتفكر وتنشيط العقل وليس لمجرد القراءة فقط.

حتى في قراءة القرآن الكريم أمرنا الله تعالى بالتدبر والتعمق لكي نعرف ماتتضمنه الآيات من عبر وعلى ماذا تحثنا.

يقول المتنبي

أعز مكان في الدنى سرج سابح
وخير جليس في الزمان كتاب

فلا تفسدوا هذا الجليس يامعشر المشاهير واكتفوا بجماهيركم الغفيرة هناك بعيدا عن أرفف العلم والمعرفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى