كتاب واصل

“عقار سليم للتخلص من جراثيم التعليم”

بقلم : د / غازي المزحمي

بات من الممكن ان يتغير التعليم في أغلب دول العالم وبخاصة دول الشرق الأوسط بعد جائحة فيروس كورونا(كوفيد-19) ، إلا أن الفلسفة التربوية القديمة المخضرمة في الميدان التربوي والتي لازالت موجودة حيث أصبح هناك العديد من الاتجاهات الفكرية التي تنادي بمسار التغيير لتقف حجر عثرة أمام نجاح التعليم حيث تم التغيير في الكثير من المناهج والمقررات التي لا يمكن أن يستفيد منها الطلاب في حياتهم اليومية والعملية ولا يحتاجونإليها في سوق العمل، وأصبح ذلك عبء على عاتقهم وآفة عليهم فلم يؤخذ أي اري لهم في هذا التغيير ولم يراع ميولهم واتجاهاتهم وأفكارهم الإبداعية وكذلك مهارتهم المعرفية المواكبة لهذا التغيير في ظل الحياة العملية والمهنية ،كما أنه لم تعد مشاركة أولياء الامور أمراً مهماً بالنسبة لأصحاب الفلسفة المخضرمة وبما أن أغلب أولياء الامور من معلمين والمعلمات أو من اصحاب المهن التربوية والمؤسسات التعليمية وهم يمثلون الشريحة العظمى في بعض المجتمعات ،ولكي تتقدم هذه المجتمعات لابد أن تحذو بخطوات مهمة مثل ما فعل “باسيسالبرغ في أول خطوة اتخذتها فنلندا للنهوض بالتعليم هي التخلص من بعض الجراثيم، فهل للتعليمِ جراثيم؟!

فنقول(نعم) ويبدو أنه حدد الوضع الصحيح للأساليب التعليمية التي يجب على التعليم أن يتخلص منها وهي في نظره ستة جراثيم هي كالآتي:

الجرثومة الأولى : كثافة المواد التي تعطى للطلاب حيث تغلب أهمية الكم على الكيف وهو ما كان سبباً في تشتت وملل الطلاب من الدراسة( فكم حصة يوميا وأسبوعيا, وما هو حجم المعلومات)ناهيك عن بعض دولنا الشرق الأوسطية فهناك العديد من التخصصات التي لا يحتاجها الطلاب لبناء ميولهم ورغباتهم فضلاً عنما يحتاجه سوق العمل ، وهي ليست مواداً ذات جدوىعلاوة على ذلك أن بعض هذه المواد لم تحض بمعلمين متخصصين وتم تسكينها في الجداول بأقرب تخصص ثم أتت بعض القرارات من أصحاب الفلسفة المخضرمة باعتقادهم أنه تغيير وهذه الفلسفة هدفها هدم التعليم لا تطويره .

الجرثومة الثانية: كثرة الاختبارات التي تقدم للطلاب وبخاصة في مسا ارت معينة في الرياضيات والعلوم والقراءة حيث أن كثرتها حسب أري الدكتور باسي أداة رعب للطلاب ويجب إبعاد هذا الشبح عنهم والاكتفاء بالحد الأدنى منها، كما خلقت هذه عب جديد ما يسمى بالفاقد التعليمي وهدر الجهد والمال ونزع الأمانة العلمية والفساد المالي.

الجرثومة الثالثة: إطالة ساعات الدوام الرسمي والذي يؤدي إلى إنهاك الطلاب ذهنيا وإرهاقهم جسديا مما يتسبب في ضعف التركيز لديهم ناهيك عن كثرة الإجازات في العام الدراسي وعدد الفصول الدراسية في السنة التي فشلت في بعض الدول النامية.

الجرثومة الرابعة: الواجبات والدراسة المنزلية والتي تتمثل بالتكاليف حيث يقوم الطلاب بحل تلك الواجبات والقيام بمجموعةمن أنشطة في المنزل، حيث يرى هذا العالم بأن للطلاب الحق في الاستمتاع بأوقاتهم خارج وقت المدرسة.

الجرثومة الخامسة: الدروس الخصوصية والأستاذ المساند وهذا المسبب المهم في نفور الطلاب من التعليم إضافة إلى أنه مصدر إرهاق الأسرة ماديا، وهذا بلا شك سيكون له تأثير سلبياً على عملية التعلم.

الجرثومة السادسة: كثرة المواد التعليمية المعقدة والتي لا ينتفع الطلاب منها في واقع حياتهم أو ميولهم واتجاهاتهم وقد أطلق عليها المعرفة المعزولة وتعني المعلومة التفصيلية التي لا يتناولها إلا أهل التخصص الدقيق، حيث ان هذه المواد ليس لها معلمينومعلمات متخصصين، وتم العمل بعطاء بعض المعلمين والمعلماتدبلوم عالي في بعض الجامعات في مساراً أخراً لتخصص في مسار آخراً والحاقهم بدورات مسائية ليمكنوا من تدريس تلك المواد ويمكن الاستفادة منهم ليسد العجز من الفائض من المعلمين والمعلمات الذين أصبح التعليم غير محتاج لهم ويشكلون عبء عليه في هذا الوقت .

ويمكن إضافة جرثومة سابعة: وهي الاختبارات للرخصة المهنية حيث أن بعض المعلمين والمعلمات متميزون وأصحاب بيت خبرة من حملة المؤهلات علمية الرفيعة فلم يتجاوز البعض منهم اختبار الرخصة المهنية ونحن نتمنى تطبيق هذه الرخص مثل ما في الدول المتقدمة في حديثي التخرج ويعتبر المعلم حاصلاً على رخصة المهنية بعد اجتياز اختبار الكفايات للمعلمين ويمكن تجديد الرخصة من خلال أمور عدة منها اعداد بحوث تطويرية وبناء بعض مناهج تربوية أو مشاركات في المحافل الدولية أو تميز طلابهم في اختبار التحصيل والقدرات فيقاس جهد المعلمينوالمعلمات بمستوى المهارات المعرفية لطلابهم.

وأن هذه الأساليب تعتبر من الجراثيم القادرة على هدم أي نظام تعليمي وهي ممارسات غير تربوية لإرهاق الأساتذة والطلاب معا وإضعاف تطوير العملية التعليمية فكم جرثومة لدينا من عالم الجراثيم التي أصبحت تحيط بنا من جميع الاتجاهات وأصبحوا طلابنا ومعلمينا تجارب لتك المبيدات الفكرية والتجارب التي لم تدرس بعمق وخاصة أن نظام التعليم مهم جداً ومستقبل للأمة، ناهيك عن زيادة هذه الجراثيم في الوقت الحاضر في تعليمنا، حيث أصبح المردود المادي القيادات أهم من الأمانة العلمية. وتبقى الجراثيم بشكل دائم موجودة في دهاليز وأروقة وازرة التعليم فهل ستتخلصُ بلداننا من هذه الجراثيم بعد تجربة فنلندا الناجحة أم سيظل الوضع على ما هو عليه علماً بعض تلك الجراثيم قدتخلصت منها فنلندا، فتصدرت العالم في قائمة أفضل الأنظمة التعليمية، وحاز طلابها على العديد من المراكز العليا عالمياً، فتسابقت الدول الأخرى المختلفة لتحظى بالاستفادة من تجربة التعليم الفنلندي. ولكننا على يقين من أن فلسفتنا المخضرمة سوف تحقق يوماً من الأيام خطوات جيدة في مسار ونظام التعليم الذي يفوق التعليم الفنلندي سوف يتم التطوير المتكامل في الميدان التربوي وخاصة في عصر التغيير وانتقاء القيادات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى