كتاب واصل

( الزمن تغير )

بقلم : تركي بن سعود بن فدغوش

ليس العيب في الزمان ..!!

نعيب زماننا والعيب فينا.. و ما لزماننا عيباً سوانا

و نهجوا ذا الزمان بغير ذنبٍ.. و لو نطقَ الزمان لنا هجانا …

 بهذه الأبيات التي قالها الإمام الشافعي منذ أكثر من ألف عام وكأنها سنةُ دائرة بين العصور، ولا اختلاف بين زماننا وزمن الأقدمين والسلف, وغالباً ما نستمع إلى سبابِ الدهر واتهام الزمان بما لا يطاق، و اتخاذه شماعة لتعليق أغلب الأخطاء وسوء الأفعال ودنو الأخلاق .

وفي حقيقة الأمر أن الزمن لم يتغير ، فما الزمان إلا ثوانٍ ودقائق وساعات تمضي وما هو إلا ظرف تقوم فيه الأفعال والأقوال بمرور الظرف فلا تعود، فالساعة ستون 

 دقيقة والدقيقة ستون ثانية لم تتغير ومع ذلك فننسب لها شر أعمالنا وحماقة أفعالنا لنتبرىء من تلك الذنوب والخطايا بدعوى أن الزمن هو الذي قد تغير والحقيقة هي أن معادن ونفوس الخلق وأخلاق البشر هي التي تغيرت 

ففي زمان المروءة وعصور ما قبل الحداثة والتقدم العلمي الهائل كنا إذا سمعنا ملهوفآ أجبناه وإذا سمعنا صرخة امرأة تستغيث جيشنا الجيوش لإغاثتها دون التفكير بالعواقب، أما الآن فالأمة بكاملها تصرخ ولا مجيب لها فتبدلت كل معاني المروءة والإنسانية إلى مشاعر باردة، و كما يقولون (لا شأن لي ) و الكثير من الأقوال السلبية المذمومة، ثم نسب الزمان الذي ليس له ذنب وقد نهانا الشرع الحنيف عن سب الدهر 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار ) رواه البخاري ومسلم ، وجاء الحديث بألفاظ مختلفة منها رواية مسلم : ( قال الله عز وجل : يؤذيني ابن آدم يقول : يا خيبة الدهر ، فلا يقولن أحدكم : يا خيبة الدهر ، فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإذا شئت قبضتهما ) 

فينسبون المصائب والكوارث الكونية بالإضافة إلى الأمراض الاجتماعية من احتكار وغلاء الأسعار والجشع والطمع والحقد والتحرش وغيرها إلى الزمان، وهذا برمته خطأ كبير جدآ ،،،

فاحذر من الانزلاق من هذا الباب وهو سب الدهر وتحميل كل المصائب ونوائب الدهر والأزمات 

والانفلاتات إلى الدهر وكأنه هو الذي يتحرك ويجوب بيننا ليشّرد هذا ويقتل ذلك أو يكون سبب في أن يمرض هذا، 

فالصبر الصبر عند الملمات والنوائب واحتساب الأجر من الله والعلم علم اليقين إن كل شيء 

( مقدر في علم الله ) قبل الخليقه …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى