المملكة والصين تطلقان شراكة استراتيجية غير مسبوقة تفتح آفاقًا واسعة للتكامل الاقتصادي عبر توقيع 57 اتفاقية ومذكرة تفاهم باستثمارات تتجاوز 14 مليار ريال
الرياض – واصل :
شهد المنتدى السعودي الصيني لتصدير المنتجات واستدامة القطاع الزراعي توقيع (57) اتفاقية ومذكرة تفاهم بين 36 جهة وشركة سعودية ونظرائها من الصين، بإجمالي استثمارات تتجاوز (14) مليار ريال، منها (26) اتفاقية للتصدير للصين في خطوة تؤسس لتحالف استراتيجي غير مسبوق في القطاعات الزراعية والمائية والبيئية.
وعقدت أعمال المنتدى السعودي الصيني لتصدير المنتجات السعودية واستدامة القطاع الزراعي في العاصمة الصينية بكين، اليوم، بحضور معالي وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي على رأس وفد رفيع المستوى يضم معالي محافظ الهيئة العامة للأمن الغذائي المهندس أحمد بن عبد العزيز الفارس، ومعالي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية الصين الشعبية الأستاذ عبدالرحمن الحربي ، ونخبة من المختصين في قطاعات منظومة البيئة بالمملكة، وبمشاركة واسعة من المسؤولين والمستثمرين في القطاع الزراعي والغذائي من كلا البلدين.
وأكد معالي وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي خلال كلمته في افتتاح أعمال المنتدى، وذلك على هامش زيارة معاليه الرسمية للصين، خلال الفترة من 12-14 مايو الجاري، وصول حجم التبادل التجاري بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى أكثر من (107) مليارات دولار الذي يجسد حقيقة متانة العلاقات بين البلدين وأهميتها الاقتصادية، حيث تُعد الصين الشريك التجاري الأكبر للسعودية بنسبة (18) % من إجمالي تجارتها الخارجية.
وأوضح معاليه أن رؤية 2030 وضعت في صميم أهدافها تعزيز الميزان التجاري وزيادة الصادرات غير النفطية، مشيراً إلى أن السوق الصيني كان ولا يزال أحد أهم الأسواق التي حرصت المملكة على بناء شراكات استراتيجية فيها، حيث توسع نطاق الصادرات ليشمل اليوم أكثر من 20 منتجاً غذائياً سعودياً تدخل الأسواق الصينية.
وأبان معاليه أن هناك المزيد من المنتجات والفرص تشمل قطاعات المياه والسدود، وتربية الثروة الحيوانية المكثفة، والدواجن ومشتقاتها، والثروة السمكية وبخاصة الاستزراع السمكي، إلى جانب الصناعات التحويلية، والتدوير الزراعي، والمخلفات، وتنمية الغطاء النباتي، متطلعًا أن يزور المستثمرين المهتمين بالقطاعات الزراعية والبيئية والمائية بجمهورية الصين المملكة للاطلاع عن كثب على الفرص الاستثمارية المتاحة.
ونوه معاليه بدور سفارة خادم الحرمين الشريفين في الصين وبالجهود الكبيرة التي تبذلها، حيث أسهموا في بناء جسور تواصل فعّالة مع القطاع الخاص، وقدموا كافة التسهيلات والبيانات التي يحتاجها المستثمرون، مما ساعد في تسريع الخطوات العملية للتعاون والشراكة، مؤكدًا أهمية تعزيز العلاقات الزراعية بين البلدين، مشيدًا بالتعاون القائم، متطلعًا معاليه لتوسيع الشراكات بما يخدم التنمية المستدامة ويعود بالنفع على القطاع الزراعي في كلا البلدين.
وكان حفل برنامج المنتدى قد بدأ باستعراض فرص التعاون المشترك بين البلدين، والجهود التي تبذلها المملكة في تطوير منظومة الزراعة الذكية، وتعزيز الأمن الغذائي من خلال التوسع في الأسواق الدولية، لاسيما السوق الصينية التي تُعد من أهم الشركاء التجاريين للمملكة، حيث يُعد المنتدى منصة مهمة لتعزيز التعاون الثنائي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية في مجالات الزراعة والتجارة، من خلال دعم تصدير المنتجات الزراعية السعودية، وبحث آفاق استدامة هذا القطاع الحيوي في ظل التحديات البيئية والاقتصادية.
إلى ذلك، شهد المنتدى كلمات لكل من ممثل مجلس تنمية التجارة الدولية الصيني (CCPIT) السيد Wang Hanh، وممثل اتحاد الغرف السعودية، عبّرا خلالها عن رغبة الجانبين في تعزيز التبادل التجاري والاستثماري، مؤكدين على أهمية بناء علاقات طويلة المدى تخدم مصالح القطاع الخاص، كما شمل المنتدى معرضًا سعوديًا للمنتجات التي تم اعتمادها للدخول إلى الأسواق الصينية.
وتشمل الاتفاقيات الموقعة عدد من المشاريع النوعية في مجالات البيئة والمياه والزراعة وقطاع الثروة السمكية والحيوانية، أبرزها تبادل المعرفة في تدوير المياه، وتطوير برامج تنمية القدرات البشرية، وإنشاء محطات استزراع الطحالب البحرية، وإنتاج الوقود والأسمدة الحيوية، إلى جانب استخدام التقنيات المتقدمة مثل الحوسبة السحابية في تحسين معالجة المياه.
كما شملت الاتفاقيات الموقع بين عدد من الجهات في القطاعين الحكومي الخاص في كلا البلدين تطوير مدينة ذكية للأمن الغذائي بالمملكة، تضم مصانع ومعامل وخدمات لوجستية متكاملة، بالإضافة إلى العمل المشترك إنشاء مدينة متكاملة للصناعات الأساسية والتحويلية في منطقة جازان، بما يعزز سلاسل الإمداد ويفتح آفاقاً جديدة للاستثمار الصناعي المرتبط بالزراعة.
وفي قطاع الإنتاج الحيواني، تم التفاهم بين عدد من شركات القطاع الخاص بالبلدين حول مشاريع لإنشاء مزارع دواجن حديثة، وتطوير قطاع الأغنام، والتوسع في التدوير البيئي من خلال استخدام مخلفات النحل والصوف، إضافة إلى مشاريع تطوير جيني متقدم لسلالات الروبيان والزراعة العمودية.
ومن أبرز المحاور التي حظيت باهتمام كبير بين الجانبين، تم التوافق والتعاون في تعزيز مجال تصدير المنتجات السعودية للأسواق الصينية، خصوصاً التمور، والخضار والفواكه، والمياه المعبأة، حيث جرى توقيع عدد من العقود بين عدد من شركات القطاع الخاص بالبلدين لتوريد وتوزيع هذه المنتجات داخل السوق الصيني.
يشار إلى أن هذا الزخم غير المسبوق في حجم ونوع الاتفاقيات يعكس عمق الشراكة بين المملكة والصين، وحرص الجانبين على بناء نموذج للتعاون الذكي في مجالات الأمن الغذائي واستدامة الموارد، بما يخدم مصالح البلدين ويدعم أهداف رؤية السعودية 2030.