
✍️ فهد الرياحي
ما من عبادةٍ يفتح الله بها على عبده أبواباً من الخير دون أن يشعر، ويجمع له فيها بين الأجر والسكينة، مثل الصلاة على النبي ﷺ.
فهي ليست كلمات تردد، ولا ذكراً عابراً تحركه الشفاه، بل عمل يبدل حال القلب، ويُزيل ثِقله، ويجلو عنه ما تراكم عليه من همٍّ وقسوة. وكلما أكثر العبد منها، رأى من عناية الله ما يفوق الوصف: تيسيراً يأتي بلا سبب، ورحمةً تدركه بلا طلب، وبركةً تُحيط يومه وتفتح له الأبواب المغلقة.
إنها عبادة يسيرة… لكن أثرها واسع، وعطاؤها ممتد في الدنيا والآخرة؛ تعيد للقلب طمأنينته، وللروح صفاءها، وللنفس يقينها وثباتها.
وقد أمر الله تعالى بها في قوله الكريم :
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
فأي فضلٍ أعظم من عبادةٍ يشاركك فيها ربك وملائكته؟!
ومن أطاع أمر الله نال أجر الطاعة، وزيادة الحسنات، وتكفير السيئات، وتعظيماً لإيمانٍ يكتمل بمحبة النبي ﷺ وتعظيم شأنه.
والصلاة على النبي ﷺ من أعظم أبواب الذكر، وهي داخلة في قوله تعالى:
﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾
ولو لم يكن للذكر إلا هذا الشرف، لكفى به رفعةً ومنزلة.
إن صلاتك على النبي تجعل الله يذكرك في الملأ الأعلى، وهي من أبهى صور الذكر الذي وعد الله به عباده.
ويقول النبي ﷺ:
«من صلّى عليّ واحدةً، صلّى الله عليه بها عشرًا»
عشر رحمات… عشر بركات… عشر نفحات نور يهبط على القلب ويملأ اليوم راحة.
وقال ﷺ:
«من أكثر الناس صلاةً عليّ، كان أولى الناس بشفاعتي يوم القيامة»
وفي حديث المؤذّن قال ﷺ:
«إذا سمعتم المؤذّن فقولوا مثلما يقول، ثم صلّوا عليّ، فإنه من صلّى عليّ صلاةً واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا… فمن سأل لي الوسيلة حلّت له شفاعتي يوم القيامة»
إن للصلاة على النبي أسراراً لا تدرك بالكلمات، بل تعاش بالثبات عليها . قد تقولها مرةً فيشرح الله صدرك، وتقولها أخرى فيصرف عنك شراً لا تراه، وتكثر منها فيفتح الله لك رزقاً لم تتوقعه.
هي باب للألطاف الربانية، وللتيسير، ولنور لا ينطفئ.
ولم يجعلها الله محتاجةً لوقت أو طهارةٍ أو مكانٍ معين
قلها في طريقك، في صمتك، في عملك، بين الناس، ولوحدك …
وكلما قلت: «اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد»
ارتفع لك نور، وانفتح لك باب، وسطر لك أجر لا يضيع.
وفي يوم القيامة، حين يشتد الموقف، يكون أقرب الناس إلى رسول الله ﷺ :
أكثرهم صلاةً عليه. اللهم صلِّ وسلم على رسولك محمد
أكثروا من الصلاة على النبي… فهي مفتاح للخير، وجلاءٌ للهم، وسببٌ لشفاعة لا يحترمها إلا غافل.



