كتاب واصل

هل يعقل أن يقتل الأخ أخاه ؟!!

المستشار عبدالله الحارثي مدير تحرير صحيفة واصل
المستشار عبدالله الحارثيمدير تحرير صحيفة واصل

يرفع يده لضرب أخيه أو قريبه أو صديقه لأنه خالفه في الرأي أو كان من طائفة أخرى أو كان من فريق اصفر أو أزرق  أو أخضر أو اسود ونسينا قوله عليه الصلاة والسلام :” كلكم لآدم وآدم من تراب “

مالذي حدث يا أبناء وطني الحبيب ؟!

مالذي حدث يا أبناء مدينتي الجميلة الطائف المأنوس؟ !

هل يعقل أن يقتل الأخ اخوه ؟!

هل يعقل أن يصل الخلاف إلى القتل وزعزعة الأمن ؟!

أليس منكم رجل رشيد ؟!

ألم نقرأ في كتاب ربنا تلك الآيات التي تنهد لها

الجبال وتضطرب لها القلوب وتذرف منها الدموع ؟!

آيات تعطي دلالات واضحة على أن النفس البشرية لا تستقر على حال ولا يهدأ لها بال إلا بأمر خارق للعادة !!

آيات تبين عمق العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان !! تلك العلاقة التي يسودها الود والمحبة والتآلف والعفو والمغفرة والإصلاح وكظم الغيض وعدم التشفي من الغير أو التشمت به والاستهزاء به والسخرية  .

علاقة بناها كتاب الله عزوجل وسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام في أجمل صورة عندما التقى نبي الله  يوسف عليه السلام بأخيه بعد فراق طويل دام أكثر من أربعين سنةوالذي يخبرنا فيه ربنا سبحانه و تعالى :” انني انا أخوك فلا تبتئس …” تذكر يوسف في تلك اللحظة نظرات إخوته القاسية وقلوبهم المظلمة وهم يرمونه  في البئر غير آبهبن  باستغاثته  بهم

ودموعه  التي رأوها  وحالة الذعر والخوف التي اصابته ، كل ذلك لم يشفع له للعفو عنه

وتركه يعيش بسلام .

تذكر يوسف ذلك الموقف ورأى اخوه فقربه  إليه وأخبره على الفور بحقيقة الأمر وأنه اخوه

نعم أخوه الذي حرم  من أبيه سنوات وأخذ من بيته بخيانة وغدر ورمي في البئر وعاش الحرمان سنوات .

لم يرد يوسف عليه السلام الذي تغلغل الايمان في قلبه وكان مع الله في كل أحواله لم يريد لاخيه الخوف والقلق  والرعب .

لا يريد أن يعاني مثله فناداه بقوله :” أنني انا أخوك “

نعم أخوك الذي يجب أن يحميك ويكون عضدا لك لا أن يسبب لك الرعب والخوف !!

أخوك الذي عندما تأتي  إليه ستشعر عنده بالأمان ولن تخشى أحد !!

” انني انا أخوك فلا تبتئس ” لا تحزن

لا تخاف !!

لا تقلق !!

لا رعب بعد اليوم بإذن الله !!

تلك الآيات التي تربى عليها الأنبياء  والصالحين

والتي نتعلم منها حقيقة تعامل البشر مع بعضهم البعض .

حتى عند الخلاف يكون العفو هو سيد الموقف

فهذا يوسف كذلك عندما أخبراخوته بحقيقة الأمر وسقط في أيديهم ماذا قال لهم ؟!

هل هجرهم  لسنوات ؟!

هل امر الجنود بأخذ هم مسلسلين لظلمات السجون وامرالجلادين بتعذيبهم ؟!

هل صاح بالناس أن هؤلاء هم من كان سببا في معاناتي  ؟!

لا والله لم يفعل بل قال تلك الكلمة التي بينت كيف أن الإيمان يمحو كل ما في القلب من غل وحقد وبغضاء وعداوة !!

هم ينتظرون تنفيذ حد القتل فيهم والتهجير ومعاقبتهم بما عملوا !!

ولكن النفس الكبيرة التي تربت على القرآن وبجوار الرحمن ومع الصيام والقيام لا يمكن أن تنتقم،  لا يمكن أن تعتدي  !!

رد عليهم بصوت هادئ وحتى لا يسمعه  أحد

:” لا تثريب  عليكم اليوم “

وقالها محمد عليه الصلاة والسلام عندما وقف أمام الكعبة فاتحا وامامه صناديد قريش،  في تلك اللحظة الحاسمة والتي تجعله يأخذ حقه منهم ويقتلهم شر قتله كيف لا يقتلهم وهم من أخرجه من مكة أحب البلاد إليه

كيف لا يقتلهم وهم حاربوا أصحابه وقتلوهم وعذبوهم وساموهم سوء العذاب !

كيف لا يمثل بهم ويستولي على أموالهم ويستحيي نساءهم وهم اتهموه في عرض زوجته  الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها وارضاها؟ !

الموقف يتحتم أن يكون هناك أمر خارق للعادة إلا وهو الإيمان بالله والذي أن زرع  في نفوس الشباب والكبار والصغار فسيفعل الافاعيل ولن نرى شحناء ولاعداوة ولا بغضاء! !

بل سنرى من يقول كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم  لكفارقريش :” اذهبوافانتم الطلقاء “

الله أكبر …طلقاء. …يعني أحرار …يعني كما قال قبله يوسف  عليه السلام :” لا تثريب  عليكم. …”

الله أكبر ….الله أكبر. ..الله أكبر

اذا كانت النفوس كبارا

تعبت في مرادها الأجساد

نعم النفس المؤمنة لا تخاف  منها  ولا تضطرب عندما تقبل  عليها  يقول عليه الصلاة والسلام :” المؤمن  الف مألوف  فلا خير فيمن لايألف ولا يؤلف “

نحتاج في بلادي لتربية جيل على نهج محمد صلى الله عليه وسلم في تعامله مع العدو قبل الصديق .

نحتاج لشباب همتهم الثريا وليس همهم نادي أو فريق  أو قبيلة أو طائفة.

نحتاج لجيل مؤمن محافظ على الصلاة بالمساجد تاليا  لكتاب الله وملتزما بسنة سيد المرسلين.

نحتاج لأبناء وطن فاعلين  منتجين مثابرين وعندهم حب لله ولكتابه وأئمة المسلمين وعامتهم.

نحتاج لمحاضن تربوية لتغيير الفكر وتوجيه النشء وسد الخلل ومعالجة المشاكل وتوفير أماكن عمل وترفيه للشباب.

نحتاج ليد واحدة من الكبير قبل الصغير لنبني الوطن الذي كلنا نحبه ولا نرضى من يريد زعزعة أمنه أو المساس بترابه فضلا عن أبناءه.

هنا في بلادي شباب فيهم خير ولكن هناك خلل واضح بين في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية فلا تكاد تخلو تلك القنوات من الحاد وكفر وزندقة.

ولا ترى فيها إلا ما يهيج الغرائز ويفتن الشباب والشابات ويجعل الحلال حرام والحرام حلال .

يجب على عقلاء المجتمع  أن يسمعوا لأهل الخير والصلاح والمتعلمين على أساس من الدين وفتح المجال للناجحين والمربين لقيادة النشء وتوجيه الجيل لحب الدين والوطن والبعد عن الفتن.

يجب على الآباء أن يعودوا إلى رشدهم ويقفوا صفا واحدا في مواجهة كل ما يزعزع أمن البلاد ويؤدي إلى الإخلال بالأمن.

يجب علينا جميعا كل بحسبه أن نعود لله عزوجل بقلوب صادقة منيبة وأن نطبق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قولا وعملا ثم ندعوالله أن يحمي هذه البلاد وبلاد المسلمين وان يهدي شبابنا وشباب المسلمين وان يقينا شر الفتن ماظهرمنها ومابطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى