كتاب واصل

الناس دلالون… وأنت السلعة في مزادهم!

كأنها لقطة سينمائية بطيئة… الكاميرا تقترب من وجهك، لتسأل: من يحاكم من؟

✍️ راضي غربي العنزي – كاتب سعودي

يا صاحبي… لا تُسلم نفسك لموازين الناس، فإنها مائلة بطبيعتها، مصنوعة من حبال مصالحهم وأهوائهم. أحدهم يرفعك اليوم على عرشٍ من ذهب، وغدًا يبيعك بثمن بخس دراهم معدودة.

أتذكر قول الله تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}؟ تلك هي القاعدة، فلا أنت تعرف حقيقتك تمامًا، ولا الناس يعرفونك أصلًا.

خذ مثلًا: الناس مثل السوق… يصرخ الدلالون: “هذا عظيم! هذا لا يقدَّر بثمن!”، ثم حين يتغير المزاج، ينادون: “يا جماعة… هل من مشترٍ؟ بنصف القيمة!” ويضحكون… وأنت تبكي، ولا تدري أن ضحكهم كان مسرحية سيئة الإخراج منذ البداية.

قال النبي ﷺ: “لو أن ابن آدم أعطي واديًا من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب”، فإذا كان الطمع يسكنهم إلى هذا الحد… فكيف تطمع أن يكون حكمهم فيك عادلًا؟

الناس يزنونك بمقدار ما تقدمه لهم، لا بما أنت عليه. يُشبِهون تلك المرايا المشوَّهة في مدينة الألعاب: تعطيك صورة طويلة، قصيرة، عريضة، ملتوية… لكنها أبدًا لا تعطيك حقيقتك.

فاجعل ميزانك الحق والعدل، لا همسات جمهورٍ متقلب. الحق بسيط، صلب، لا يتلون:

– الصدق أثقل من كل شهادات التزكية.

– الاستقامة أوضح من أي صورة فوتوغرافية.

– والعدل عند الله لا يضيع، مهما هتف الناس عكسه.

يا صديقي… زن نفسك بما يرضي الله، لا بما يرضيهم. فالناس مثل الطقس: صباحًا نسمة عليلة، مساءً عاصفة تقتلع الأبواب. أما الله… فثابت لا يتغير، رحيم لا يُخطئ الميزان.

فلماذا تركض خلف ميزان يختلّ مع كل هبة ريح؟ قف أمام مرآة الحق، وسترى وزنك الحقيقي بلا رتوش، بلا أقنعة، بلا تصفيق مزيف.

المشهد الأخير

الستارة تُسدل… الأضواء تنطفئ… الجمهور يصفق بجنون، وأنت تقف وسط المسرح منهكًا، تظن أن العرض قد انتهى. لكنك تكتشف الحقيقة الساخرة: القاعة فارغة تمامًا، والتصفيق لم يكن إلا صدى خطواتك!

فابتسم… فقد ربحت الدور، ولو خسر العالم ذاكرته.

___________________

Radi1444@hotmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى