كتاب واصل

وسائل التواصل و إعادة تعريف مفهوم الهوية الفردية

الدكتور خالد علي الغامدي اخصائي نفسي وخبير تربوي

تُعد المملكة من أكثر الدول استخدامًا لمواقع التواصل الاجتماعي على مستوى العالم، حيث يستخدم الشباب السعودي هذه الوسائل بشكل يومي، ولفترات طويلة تعرف بانها “أدوات وتقنيات إلكترونية تُستخدم لتسهيل التواصل بين الأفراد أو الجماعات، وتمكنهم من تبادل المعلومات والآراء والأفكار بطريقة تفاعلية آنية.” ومنصاتها مثل اكس ، إنستغرام، سناب شات، تيك توك وغيرها كثير وأصبحت مساحات مفتوحة للتعبير عن الرأي، واكتشاف الثقافات الأخرى، وتشكيل الذوق العام. هذا الاستخدام أدى إلى تقليص المسافة الثقافية بين المجتمع المحلي والمجتمعات العالمية، ما نتج عنه تبني بعض العادات والأنماط الجديدة التي لم تكن مألوفة في السابق. أحد أبرز أوجه التغير الثقافي التي أحدثتها هو إعادة تعريف مفهوم الهوية الفردية عند البعض فقد أصبح الشباب أكثر وعيًا بذواتهم، ويظهرون اهتماماتهم الشخصية وهوياتهم الفرعية من خلال محتواهم، بعيدًا عن القوالب الاجتماعية التقليدية. وهذا خلق حالة من التنوع الثقافي داخل المجتمع الواحد.
لذا أرى ان وسائل التواصل الاجتماعي لم تعد مجرد وسيلة للتسلية أو التفاعل، بل تحوّلت إلى أداة فاعلة يمكن توظيفها في خدمة المجتمع وتعزيز هويته الثقافية والدينية. مثال نقل الثقافة الإسلامية إلى العالم، وذلك من خلال إنتاج محتوى معرفي وإنساني يبرز قيم الإسلام السمحة كالتسامح، الاحترام، والرحمة، عبر فيديوهات قصيره وتصاميم، أو حملات تعريفية مترجمة، بطريقة عصرية وجاذبة.
وكذلك دعم السياحة الوطنية، من خلال تسليط الضوء على المواقع التراثية والطبيعية في المملكة كلا في مدينته او قريته، مثل الدرعية ، العلا، جدة التاريخية، أو عسير جازان الباحة. حيث يمكن للشباب أن يساهموا في الترويج لتلك الوجهات من خلال مشاركة تجاربهم ورحلاتهم ومغامرتهم، وإنشاء محتوى مرئي يعكس جمال وتنوع المملكة، مما يعزز الانتماء الوطني ويشجع السياحة الداخلية وجذب السياحه الخارجية.
ورغم الإيجابيات الكثيرة، لا يمكن إغفال بعض التحديات المصاحبة لهذا التحول، مثل صعوبة التمييز بين المضمون المفيد والضار، أو التأثير السلبي لبعض الظواهر مثل “الترندات المؤقتة”، وثقافة الاستعراض، والانقياد وراء الشهرة السريعة. وهنا اترك لكم كتابة الحلول للتغلب على التحديات والتأثيرات السلبية في التعليقات ؟

في الختام، يمكن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أداة محورية في تشكيل الثقافة الشبابية في السعودية، بل إنها من أبرز عوامل تسريع التغير الثقافي والاجتماعي. وبينما تفتح هذه الوسائل آفاقًا جديدة من الوعي والتعبير والانفتاح، فإنها تفرض في الوقت نفسه مسؤولية كبيرة على الأفراد، والمجتمع، وصناع القرار، لتوجيه هذا التغير بما يخدم الحفاظ على الهوية الوطنية وتعزيز القيم الإيجابية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى