كتاب واصل

” نجاح الدموع “

إن القصة الطبيعية للعلاقة بين الطالب وأستاذه مبنية على الرحمة والحب لأننا نطلب منها – أي تلك العلاقة- الاستدامة حتى تثمر ارتباطا سماويا يجبر الطالب على رفع يديه وبصــــره -كلما ذكرأستاذه – إلى خالقه يرجو منه لمعلمه التوفيق والفلاح ؛ فقد أدب قبل أن يعلم

الكاتب : "محمد حسن عزي"
الكاتب :
“محمد حسن عزي”

..واحتوى قبل أن يفرغ محتوى مادته في عقول طلابه.. وراقب خالقه قبل أن يراقب المسؤول عنه.. وكان همه كيف يجعل من مهنته طريقا لكسب القلوب.. وما ذاك إلا لأن رسالة المربي رسالة سماوية الغاية روحانية الهدف..

بالأمس القريب قبيل إعلان نتائج الامتحانات كانت تداعيات الألم العابر من الانتظار أشبه بعبث سكين في قلب الخائف المترقب للحظة الخلاص…قد لا تجدي دموع الألم والتوسل حينها شيئا لأن مفردات الرحمة لم يعد لها وجود في قواميس من نزعت من قلوبهم تلك الخصلة.

فعندما يكون الطالب نقطة ينطلق منها غضب المدرس للانتقام ممن حوله: مديره، إدارة تعليمه، وزارته، مجتمعه ثم يعود إليه، أو يكون الطالب حقلا للتجارب والتخبطات من معلم لا يستحق أن يكون من حفدة الأنبياء في تعليم الناس، أو يكون الطالب مجرد باب رزق يحصل منه على مقابل حضوره وانتظامه آخر كل شهر فلا يراعي فيهم إلّاً ولا ذمة.

عندما يكون الطالب آخر همّ المعلم فلا يقيم لإنسانيته ومشاعره وزنا ولا قيمة، فيبخسه حقه ويضرب بمجهوده وتفانيه وسهر الليالي عرض حائط المدرسة دون أن يعي أن هناك طالبا أفنى وقته واقتص جزءً من وقت ومال وجهد والديه من أجل درجة أو حتى نصف درجة؛ لأنه يطمح أن يرتقي درجات الكمال في مواد ناءت بكواهل الرجال أن يحفظوها ويعوا جميع وحداتها..وحملها ذلك الطالب المغلوب على أمره ظلما وتلقينا وتهديدا ومحاسبة وإجحافا دون أن تأخذ الجباة القائمين على التصحيح شفقة أو رحمة إن هو نسي حرفا أو جانب الصواب في سؤال وضع منغلقا لا يمكن فتح معضلته لا لشيء إلا لأن واضعه أراده كذلك!!

ليس عدلا أن ننصب الطالب المسكين جرم لحظة عابرة أو حتى مستديمة من ضغوط الحياة فيكون منه القصاص رغم أن في القصاص حياة للحياة وانتصار شرعية الشريعة..

عندما يبكي الطالب ضياع درجتين أو ثلاث من مجموعه الكلي بعد أربعة أشهر وعشرا هي عدة فصل دراسي طويل متقطع قد توصف تلك الدموع بأنها دموع ترف فالراسب في زماننا هذا آخر اهتماماته أن يحزن لما آل إليه حاله فلم يبكي ذلك المتفوق إذاً ؟! يبكي لأنه احترق حتى كاد أن لا يبقى منه شيء ، يبكي لأنه يحمل بين ضلوعه هما يريد أن يبلغه وحلما يرجو اكتماله ، يبكي لأن كل درجة تسلب منه ربما تؤخره في خط سيره نحو هدفه! ليست هذه مثاليات بقدر ما هي حق مشروع لمن كان لديه طموح وهمة عالية! 

إن مداد الأيام التي يسجل أسطر حوادث حياتنا وما نلاقيه من ظلم وقهر واستبداد هو ذاته سيسجل لأولئك القساة الانتقام العادل فكيف لو استمطر الضعفاء طلب القصاص برفع اليدين إلى السماء؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى