كتاب واصل

الصداقة الحقيقية

 

الكاتب الصحفي _عبدالله الحارثي
الكاتب الصحفي _عبدالله الحارثي

89

 

88


توقفت أكثر من مرة أمام صورة أذهلتني ، صورة تدل على الوفاء والتضحية والفداء.
اوقفتتي تلك الصورة وزاد تعجبي منها ، صورة نسمع عنها ولا نراها إلا قليل ، صورة أعادت في ذهني قصص نسمعها وقليل من يرى مثلها في هذا الزمان ، صورة تدل على نكران الذات والتفاني في مساعدة الآخرين ، صورة تعطيك الوجه الآخر للحياة الجميلة التي يتمناها كل إنسان  .
عندما ترى شاب في مقتبل العمر في سن 18سنة يحمل على ظهره شاب آخر عمره 19 سنة ، كل يوم ولمدة ثلاث سنوات ،  ستتعجب وتتساءل لماذا يحمله على ظهره ؟!!
ذلك هو الشاب الصيني شي زو الذي يحمل صديقه تشانغ تشي ، والذي يعاني من ضمور في العضلات تجعله غير قادر على المشي ، ولا يكتفي بحمله بل يساعده في جميع احتياجاته في البيت من غسيل وطبخ وغيرها .
لا تحملني على ظهرك ، ولكن احمل عني ما أثقل ظهري من الهموم والأحزان ، لا تحملني فوق طاقتي ، عاملني بالحسنى كما أعاملك ، كن لطيفا ودودا معي .
اقبل عذري وسامحني إذا أخطأت وسد مسدي في غيابي ،
احسن الظن بي ،و إذا أخطأت بحقك التمس لي  العذر وقل  في نفسك لعله لم يقصد .
انا اخترتك من بين الناس ، وفتحت لك قلبي وبيتي ، وجعلتك أقرب لي من أخي ، فلماذا تخليت عني وقت حاجتي؟!
ياصديقي انت لا تعرف معنى الصداقة الحقيقة ، واسمح لي أن اعطيك درسا في معنى الصداقة :-
الصداقة الحقيقة هي ان تكون معي  في الرخاء ، وتعودني في المرض ،وتقف إلى جانبي في الشدائد والمحن وتساندني في الملمات،  وتشد أزري وتخفف عني المصائب .
أن تحبني في الله دون أي غرض دنيوي أو مصلحة مادية .
الصداقة الحقيقية أن تكون  مرآتي الصادقة ، وانعكاساً لنفسي ، فإذا كنت على الحق شجعتني وحفزتني ونصحتني وباركت خطواتي ، ان تقدم لي النصيحة المخلصة ، ولا تخشى في الحق لومة لائم ، وترشدني إلى الصواب ، ان تحاسبني وتردني عن الظلم ، وتؤثرني على نفسك .
أن تحفظ ودي ، وتصون عشرتي ، ولا تنقص قدري ، وتحفظ لي الجميل ، وتعرف لي الفضل ، أن تعينني على صلة رحمي  وبر والدي ووالدتي ، وحسن التعامل مع الناس ،أن تعفواعني عند المقدرة ، وتسامحني على هفواتي ، وتدمح زلاتي، وتغفر نزواتي، وتأخذ لي العذر ، فأنا بشر أصيب وأخطئ .

الصداقة هي:طاقة لا يمكن للإنسان العيش من دونها ،وهي متنفّس حيث يجد المرء منا كلّ راحته في التّعبير عن رأيه
يقول رأيه بكلّ طلاقة ومن دون أن يشعر بأنّه مقيّد
الصّداقة كلمة تحمل معانٍ عدّة أجملها التّضحية من أجل الآخر، والتحرّر من الانطوائيّة، والاندماج مع الآخر.

وختاما يا صديقي ، الصداقة لا توزن بميزان ولا تقدّر بأثمان
ثمار الأرض تجنى كلّ موسم لكنّ الصّداقة تجنى كل لحظة
هي الوردة الوحيدة التي لا أشواك فيها ، هي الوجه الآخر للحب ولكنّه الوجه الّذي لا يصدأ .

فهل وعيت ياصديقي معنى الصداقة ، أتمنى ذلك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى